وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: ٣٣] قَالَ: " هِيَ الْجَاهِلِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا " وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ، مِنْهُمُ الْفَرَّاءُ، فَوَجَدْنَاهُ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي " مَعَانِي الْقُرْآنِ وَمُشْكِلُ إِعْرَابِهِ " {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: ٣٣] قَالَ: ⦗١٣⦘ كَانَ ذَلِكَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ غَيْرَ مَخِيطٍ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَكَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ مِنَ الْمَالِ لَا يُوَارِي جَسَدَهَا، فَأُمِرْنَ أَنْ لَا يَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَهَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ قَدْ رُوِيَتْ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِمَا قِيلَ فِيهَا وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ فِيهَا وَقَدِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ مِمَّنْ وَافَقَنَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أُولَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آخِرَةٌ، كَمَا قَالَ: مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} [الواقعة: ٦٢] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّشْأَةَ قَدْ كَانَتْ أُولَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا نَشْأَةٌ أُخْرَى فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا إِنَّمَا أُنْزِلَ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَشْأَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ: {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام: ١٣٣] ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ نُزُولَ الْآيَةِ، الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ وَاللهُ الْمُوَفِّقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute