للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، حَدَّثَهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ⦗٢١٦⦘ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ، فَأَتَوْا بِشَهَادَتِهِمْ مُتَّفِقَةً، فَقَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: " مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى السِّلْسِلَةِ، فَتَأْخُذُ بِعُنُقِ الظَّالِمِ " وَلَا نَعْلَمُ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَا يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ، وَيُعْلَمُ بِهِ فَضْلُ عِلْمِهِ، وَرُتْبَتُهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ لِلْمُدَّعِيَيْنِ لِذَلِكَ الْفَرَسِ: أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، فَقَصَدَ بِتَحْقِيقِ الْكَذِبِ فِي ذَلِكَ إِلَى أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَعَهَ إِحَاطَةَ الْعِلْمِ فِي الْمُدَّعِيَيْنِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا فِيمَا ادَّعَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِشَيْءٍ غَيْرُهُ مَالِكُهُ، وَلَمْ تَكُنِ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَهُ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا رَأَتِ الَّتِي نُتِجَتْ تِلْكَ الْفَرَسُ فِي يَدِ أَحَدِ مُدَّعِيَيْهَا، فَوَسِعَهَا بِذَلِكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهَا لَهُ، ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِ الَّذِي رَأَتْهَا فِي يَدِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِهَا بِبَيْعٍ كَانَ مِنْهُ، أَوْ بِمَا سِوَاهُ مِنْ وُجُوهِ التَّمْلِيكَاتِ، ثُمَّ رَآهُ الْأُخْرَى فِي يَدِ الْمُدَّعِي الْآخَرِ ثُمَّ كَانَ النِّتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَوَسِعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ تَيْنِكَ الْبَيِّنَتَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ النِّتَاجَ كَانَ فِي مِلْكِ الَّذِي رَأَتْ فِيهِ الْفَرَسَ ⦗٢١٧⦘ الَّذِي أَنْتَجَتْهُ فِي مِلْكِ الَّذِي ادَّعَاهُ مِمَّنْ قَدْ عُلِمَتْ يَدُهُ كَانَ عَلَى مَا أَنْتَجَتْهُ لَهُ، وَلَمْ يُكَلِّفِ اللهُ أَحَدًا فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَعَبَّدَ خَلْقَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا فِي قَبُولِهَا مِمَّنْ يَشْهَدُ بِهَا مَعَ ظَاهِرِ عَدْلِهِ إِلَّا حُمِلَ أَمْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَتُرِكَ الْتِمَاسُ بَاطِنِهِ مِنْهُ فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجُّتَانِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَامَتَا عَلَيْهِ، وَعُذِرَ الشُّهُودُ بِهِمَا فِي شَهَادَتِهِمَا بِهِمَا كَانَ فِي ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْجَرْحَةِ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَوُجُوبُ عَدَالَتِهِمْ فِيهِ، وَالْقَضَاءُ بِمَا أَمَرَ الْعِبَادَ مِنَ الْقَضَاءِ بِهِ بِالْبَيِّنَاتِ اللَّاتِي تَثْبُتُ عَدْلُهَا عِنْدَهُمْ، وَتَرْكُ اسْتِعْمَالِ الظُّنُونِ بِهَا، وَرَدُّ الْأَمْرِ إِلَى مَا قَدْ رَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ عِبَادِهِ عِلْمِهِ، وَرَدَّهُمْ فِيهِ إِلَى مَا قَدْ وَقَفُوا عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْكُمُوا بِمِثْلِهِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>