للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٧٢ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ، فَذَكَرَ حَدِيثَهُ بِطُولِهِ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَاتِبْ " فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ ثَلَاثَ مِائَةِ نَخْلَةٍ، وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعِينُوا أَخَاكُمْ بِالنَّخْلِ " فَأَعَانَنِي كُلُّ رَجُلٍ يَقْدِرُ بِالثَّلَاثِينَ، وَالْعِشْرِينَ، وَالْخَمْسَ عَشْرَةَ، وَالْعَشْرِ، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا سَلْمَانُ، اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا، فَلَا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَ، فَتُؤْذِنَنِي، فَأَكُونُ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي " فَقُمْتُ فِي تَفْقِيرِي، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنَا شِرْبَهَا ثَلَاثَ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، وَجَاءَ كُلُّ ⦗٢٢٩⦘ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي بِهِ مِنَ النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ، وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا تُرَابَهَا وَيُنْزِلُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا جَمِيعًا، فَلَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا نَفَقَتْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ، وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ، فَتَصَدَّقَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ؟ ادْعُوهُ لِي "، فَدُعِيتُ لَهُ، فَجِئْتُ، فَقَالَ: " اذْهَبْ، فَأَدِّهَا عَنْكَ مِمَّا عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ " قُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لَا نَعْلَمُهُ كَمَا حُكِيَ، إِذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ الْمَعَادِنُ لِلنَّاسِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَالْخُمُسُ وَاجِبٌ فِيهَا لِوُجُوبِهِ فِي الْغَنَائِمِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمَعَادِنِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ كَانَتِ الْغَنَائِمُ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْأُمَمِ، وَعَلَى هَذِهِ ⦗٢٣٠⦘ الْأُمَّةِ فِي مُدَّةٍ مِنَ الْإِسْلَامِ حَتَّى أَحَلَّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ إِيَّاهُمْ، وَتَخْفِيفًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ، فَكَانَتْ قَبْلَ إِحْلَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا لَهُمْ لَا خَيْرَ لَهُمْ فِي الْمَوْجُودِ فِيهَا، وَهِيَ عِنْدَ قَوْمٍ آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ، وَهُمْ أَهْلُ الْحِجَازِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرْضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الزَّكَاةَ عَلَى عِبَادِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ مَا وُجِدَ مِمَّا إِذَا أَخَذُوهُ مِنَ الْمَعَادِنِ كَانَ مَالًا لَهُمْ فِيهِ خَيْرٌ لِذَلِكَ، ثُمَّ فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا الزَّكَاةَ، فَعَادَتْ إِلَى خِلَافِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَصَارَتْ مِمَّا فِيهِ الْخَيْرُ وَالْقُرْبَةُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَدَّى الْمَفْرُوضَ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَكَانَ مَا ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي حَالِ الْحُكْمِ كَانَ فِيهَا فِي الْمَوْجُودِ فِي الْمَعَادِنِ خِلَافَ الْحُكْمِ فِي الْمَوْجُودِ فِيهَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ قَدْ تَحَمَّلَ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، صَارَ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ لِمَنْ هُوَ لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةً، فَلَمَّا جَاءَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ بِمَا جَاءَهُ بِهِ مِمَّا وَجَدَهُ فِي الْمَعْدِنِ الَّذِي وَجَدَهُ، وَلَيْسَ بِدَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٍ، إِنَّمَا هُوَ ذَهَبٌ غَيْرُ مَضْرُوبٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ دُونَ الدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ مِنْ مِثْلِهِ، وَكَانَ أَدَاءُ ذَلِكَ قَضَاءً عَنْ مَا قَدْ كَانَ، صَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحَمُّلِهِ إِيَّاهُ عَمَّا قَدْ كَانَ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً، وَكَانَ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ، فَكَانَ أَنْ دَفَعَ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي يَحْمِلُ لَهُ ذَلِكَ الذَّهَبَ قَضَاءً عَنِ الدَّنَانِيرِ الَّذِي يَحْمِلُ لَهُ بِهَا الْمَضْرُوبَةَ لَمْ يُحْسِنْ قَضَاءَهُ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ ⦗٢٣١⦘ أَخْذَهَا لِذَلِكَ، وَأَدَّى إِلَى الَّذِي تَحَمَّلَ لَهُ بِهَا مِنْ مَالِهِ دَنَانِيرَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَا كَرَاهَةَ عِنْدَهُ فِي أَخْذِهِ إِيَّاهَا، وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ، وَكَانَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا حَمَلْنَا مَا رُوِّينَاهُ فِيهِ عَلَى مَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ صَرَفْنَا إِيَّاهُ إِلَى مَا صَرَفْنَاهُ إِلَيْهِ مَا قَدِ انْتَفَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيهِ تَضَادٌّ أَوِ اخْتِلَافٌ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>