للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٦٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَاتٍ، فَأَقْبَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الْحَجِّ، فَقَالَ: " الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَمَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ " ثُمَّ أَرْدَفَ خَلْفَهُ رَجُلًا فَنَادَى بِذَلِكَ

٤٨٦١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: قَالَ ⦗٣٤٨⦘ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ سُؤَالَ أَهْلِ نَجْدٍ إِيَّاهُ وَلَا إِرْدافَهُ الرَّجُلَ , فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ عَلَى خِلَافِهِ؟ لِأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجِّ بَقَايَا، مِنْهَا: الْوُقُوفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَمِنْهَا: رَمْيُ الْجِمَارِ، وَمِنْهَا الْحَلْقُ، وَمِنْهَا: طَوَافُ الزِّيَارَةِ، الَّذِي هُوَ أَوْكَدُهَا، وَالَّذِي لَوْ لَحِقَ بِبَلَدِهِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ أُمِرَ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى يَفْعَلَهُ بِهَا، وَإِنَّهُ بَاقٍ فِي حُرْمَةِ إِحْرَامِهِ عَلَى حَالِهِ، وَمِنْهَا: طَوَافُ الصَّدْرِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ تُجْزِئُ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى تَارِكِهَا الرُّجُوعُ لَهَا إِلَى مَكَّةَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَتَرْكِهِ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ مُدْرِكًا لِلْحَجِّ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لَا يَفُوتُ بَعْدَهُ الْحَجُّ، وَإِنَّ فَوْتَهُ يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ فَائِتًا بِفَوْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَبَعْدَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجِّ مَا بَعْدَهُ مِنْهَا، جَازَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ تَصْدُرُ مَنْ يَفُوتُهُ الْوُقُوفُ بِهَا لِلْحَجِّ ⦗٣٤٩⦘ وَهَذَا كَلَامٌ عَرَبِيٌّ خَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَبًا يَعْقِلُونَ مُرَادَهُ مِنْهُ، وَيَفْهَمُونَ مَعْنَاهُ فِيهِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحَالَةِ فِيهِ، وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا قَدْ خَاطَبَهُمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ " لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ كَمَنْ صَلَّاهَا، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ مَا يُصَلِّي مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ مِنْ ثَوَابِهَا مَا قَدْ أَدْرَكَهُ مَنْ دَخَلَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِهَا، وَفَهِمَ مُرَادَهُ بِهِ مَنْ خَاطَبَهُ بِهِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ لُغَتَهُ لُغَتُهُمْ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولِ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤] فَإِذَا كَانَ مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ قَدْ تَبَيَّنُوا بِهِ مُرَادَهُ بِهِ، غَنَوْا عَنِ الزِّيَادَةِ فِيهِ كَمَا قَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِأَشْيَاءَ مُتَجَاوِرَةٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِثْلِ هَذَا، مِنْهَا: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} [الرعد: ٣١] وَغَنِيَ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فِيهِ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ: لَكَفَرُوا بِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَكَانَ هَذَا الْقُرْآنَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ بِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: ١٠] وَغَنِيَ بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ مَا يَكُونُ لَوْلَا فَضْلُهُ وَرَحْمَتُهُ لِفَهْمِهِمُ الْمُرَادَ بِذَلِكَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كَشْفُ الْمَعْنَى فِيمَا قَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>