٤٩٠٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ ⦗٤١٩⦘ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: " أَلَا إِنَّكُمْ مَعْشَرَ خُزَاعَةَ، قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَإِنِّي عَاقِلُهُ، فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ، بَيْنَ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوا " قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخْذُ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الدِّيَةَ مِنَ الْقَاتِلِ، لَا تَبْيِينُ أَنَّ ذَلِكَ بِإِدَامَتِهِ إِيَّاهَا لَهُمْ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَدَاءً ⦗٤٢٠⦘ مِنَ الْقَاتِلِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ أَخْذُ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ مِنَ الْقَاتِلِ، فَتَصْحِيحُهُمَا عَلَى أَدَاءٍ مِنَ الْقَاتِلِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْذٍ مِنَ الْوَلِيِّ لِذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا فَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَصَحَّحْنَا عَلَيْهِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ جَمِيعًا، وَقَائِلُونَ يَقُولُونَ: إِنَّ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ مِنَ الْقَاتِلِ شَاءَ أَمْ أَبَى، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا تَأَوَّلَ هَذَا الْمُتَأَوِّلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالُوا: عَلَى الْقَاتِلِ اسْتِحْيَاءُ نَفْسِهِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ بِهِ، وَإِنْ كَرِهَ فَكَانَ جَوَابُنَا لِمَنِ احْتَجَّ بِذَلِكَ: أَنَّ عَلَى الْقَاتِلِ اسْتِحْيَاءَ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَ، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَحْيِيَهَا بِالدِّيَةِ، وَبِمَا سِوَاهَا مِمَّا يَمْلِكُ، حَتَّى يَعُودَ بِذَلِكَ حَاقِنًا لِدَمِهِ، وَأَجْمَعُوا جَمِيعًا: أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ لَوْ طَلَبَ مِنَ الْقَاتِلِ دَارَهُ أَوْ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيَرْفَعَ الْقَوَدَ عَنْهُ أَنَّ عَلَى الْقَاتِلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَيْهِ إِنْ أَبَاهُ فَكَانَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، كَذَلِكَ لَا يَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى اسْتِحْيَاءِ نَفْسِهِ بِهِ، وَلَا مَأْخُوذًا مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ , فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَلِمَ احْتِيجَ فِي ذَلِكَ إِلَى ذِكْرِ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْقَوَدَ لَا مَا سِوَاهُ، وَكَانَ الْقَوَدُ وَاجِبًا عَلَى الْقَاتِلِ لَيْسَ لِأَحَدٍ دَفْعُ ذَلِكَ عَنْهُ، فَخَفَّفَ اللهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute