للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِمَشِيئَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ حَيًّا، وَبِمَشِيئَةِ الْوَرَثَةِ إِنْ كَانَ مَيِّتًا لَا نَعْلَمُ فِي تَأْوِيلِ الْعَفْوَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَتَأَمَّلْنَاهَا لِنَقِفَ عَلَى الْأَوْلَى مِنْهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَبَدَأْنَا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الدِّيَةِ اسْتَحَقَّ الدِّيَةَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ، طَالِبٌ لِبَقِيَّتِهِ فَوَجَدْنَا مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ غَيْرَ الَّذِي أَوْجَبَ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ، وَلَمْ يَجْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا جَزَاءً مِنَ الْآخَرِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، عَقَلْنَا: أَنَّ مَنَ نَزَلَ عَنِ الْمَجْعُولِ لَهُ مِنْهُمَا، فَقَدْ نَزَلَ عَنِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللهُ لَهُ إِلَى غَيْرِهِ، مِمَّا لَمْ يُوجِبْهُ لَهُ، فَكَانَ مَعْقُولًا: أَنْ لَا يَجِبَ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا بِرِضَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِنُزُولِهِ عَنْ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مِنَ الْقِصَاصِ يُوجِبُ لَهُ الدِّيَةَ الْوَاجِبَةَ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ، لَوَجَبَتْ لَهُ عَلَى مَنْ كَانَتْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهِيَ الْعَاقِلَةُ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وُجُوبُ بُطْلَانِ هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ ثَنَّيْنَا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْعَفْوَ يُوجِبُ لَهُ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ شَاءَ أَوْ أَبَى، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي حَدِيثِ ذِي النِّسْعَةِ مِنْ قَوْلِهِ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ: " اعْفُ عَنْهُ " يَعْنِي قَاتِلَ وَلِيِّهِ فَأَبَى، فَقَالَ لَهُ: " فَخُذْ أَرْشًا " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ: أَنَّ عَفْوَهُ لَا أَرْشَ مَعَهُ لَوْ عَفَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَمَّا أَبَاهُ: " فَخُذْ أَرْشًا "

<<  <  ج: ص:  >  >>