كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: وَافَيْتُ الْمَوْسِمَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، فَصَلَّى لَنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَقَرَأَ فِيهَا: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: ١]⦗٥٤٥⦘ وَ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: ١] ، ثُمَّ رَأَى أُنَاسًا يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: " أَيْنَ يَذْهَبُونَ هَؤُلَاءِ؟ " قَالُوا: يَأْتُونَ مَسْجِدًا هَا هُنَا صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَشْبَاهِ هَذِهِ يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ، فَاتَّخَذُوهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَلَا يَتَعَمَّدَنَّهَا " وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا قَدْ وَقَفْنَا بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَسَاجِدَ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَجِبْ عَلَى أُمَّتِهِ إِتْيَانُهَا، وَلَا الصَّلَاةُ فِيهَا لِإِتْيَانِ رَسُولِ اللهِ إِيَّاهَا وَلِصَلَاتِهِ فِيهَا فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا صَلَاتُهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَا فِي أَحَادِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَجِبُ بِهِ إِتْيَانُ النَّاسِ هُنَاكَ، وَلَا الصَّلَاةُ فِيهِ، وَأَبَيْنُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا مَسْجِدَ أَجَلُّ مِقْدَارًا، وَلَا أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَى النَّاسِ إِتْيَانُهُ وَلَا الصَّلَاةُ فِيهِ، كَمَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ مَا كُتِبَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى رُتْبَةِ عُمَرَ رَضِيَ ⦗٥٤٦⦘ اللهُ عَنْهُ فِي الْعِلْمِ أَنَّهَا فَوْقَ رُتْبَةِ مَنْ سِوَاهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ أَصْحَابِهِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ دَفْعِهِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَطَ الْبُرَاقَ لَيْلَتَئِذٍ عَلَى مَا فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِثْبَاتِ ذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا رُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ فِي نَفْيِهِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُسَخَّرٍ لِمَعْنًى يَنْطَاعُ لِذَلِكَ الْمَعْنَى، قَدْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا الدَّوَابَّ أَنْ نَرْكَبَهَا، وَنَحْنُ نُعَانِي فِي رُكُوبِهَا، وَفِي الْوُصُولِ إِلَى ذَلِكَ مَا نُعَانِيهِ فِيهِمَا، وَسَخَّرَ لَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ مَا سَخَّرَهُ لَنَا مِنْهَا، وَنَحْنُ لَا نَصِلُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا بِانْطِيَاعِهَا لَنَا بِهِ، وَبِبَذْلِهَا إِيَّاهُ لَنَا مِنْ أَنْفُسِهَا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهَا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ تَسْخِيرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْبُرَاقَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ مِنْهُ فِيهِ رِبَاطُهُ إِيَّاهُ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ فِيهَا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute