للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٦٩ - فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ، قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ يَعْنِي الْمَخْزُومِيَّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ هِبَةً، ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا، إِلَّا وَالِدٌ مِنْ وَلَدِهِ " قَالَ طَاوُسٍ: كُنْتُ أَسْمَعُ وَأَنَا صَغِيرٌ: " عَائِدٌ فِي قَيْئِهِ "، فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ ضَرَبَ لَهُ مَثَلًا قَالَ: " فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ، يَأْكُلُ، ثُمَّ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ " ⦗٦٧⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ بِذِكْرِهِ إِيَّاهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْقَطِعٍا، وَالْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، فَغَيْرُ مَجْهُولِ الْمِقْدَارِ فِي صِحَّةِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَوَجَدْنَا مَعْنَى: " لَا يَحِلُّ "، لَوْ كَانَ ثَابِتًا فِي الْحَدِيثِ غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِيهِ، لَا يُوجِبُ مَنْعًا لِلْوَاهِبِ، وَلَا لِلْمُعْطِي مِنَ الرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ، وَلَا فِي عَطِيَّتِهِ لِغَيْرِ وَلَدِهِ، إِذْ كَانَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُقَذِّرَ نَفْسَهُ بِأَنْ يَجْعَلَهَا بِرُجُوعِهِ فِي هِبَتِهِ، وَفِي عَطِيَّتِهِ، كَالْكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَأْكُلُ فِيهِ، كَمَا نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مِنَ السُّحْتِ، عَلَى النَّهْيِ مِنْهُ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يُدَنِّيَ نَفْسَهُ، لَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلَكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، أَوْ فِي عَطِيَّتِهِ، إِلَّا الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ " عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَكَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ الْوَالِدَ فِي ذَلِكَ، فِيمَا وَهْبَ، وَفِيمَا أَعْطَى وَلَدَهُ، عَلَى أَنَّهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ، إِذْ كَانَ قَدْ قَالَ لِمَنْ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَاجَ مَالَهُ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ " وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، فَجَعَلَ دُخُولَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، بِخِلَافِ دُخُولِهِ بِهَا فِي مَالِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا أَبَاحَهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ عَلَى ⦗٦٨⦘ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَجِبُ لَهُ بِهَا الدُّخُولُ فِي مَالِ وَلَدِهِ، فَلَا يَكُونُ لِوَلَدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ بَسَطَ يَدِهِ فِيهِ عِنْدَهَا، مَعَ أَنَّا قَدُ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَاهُ مُضَافًا إِلَى ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، مِمَّا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ سَمَاعًا لَهُ مِنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ وَهْبَ هِبَةً: " أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا، حَتَّى يُثَابَ مِنْهَا بِمَا يَرْضَى " فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ مَعَ عِلْمِهِ، وَجَلَالَةِ مِقْدَارِهِ سَمِعَ مِنَ عُمَرَ شَيْئًا، قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهُ، فَيُتْرُكُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي هَذَا خِلَافَ الَّذِي قُلْتَهُ فِيهِ، وَاسْتَحَالَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَيْئًا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ مِنْهُ فِيهِ لِيَسْتَعْمِلَهُ النَّاسُ، وَعِنْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحُكْمَ، فَعَادَ مَعْنَى حَدِيثِ طَاوُسٍ هَذَا، إِلَى مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا بِانْتِفَائِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِلَى الِانْقِطَاعِ الَّذِي لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ مَعَهُ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>