٥٠٩١ - فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " قَدِمَ أَبِي مِنَ الشَّامِ وَافِدًا، وَأَنَا مَعَهُ، فَلَقِينَا مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَ أَبِي عَنْ عِتْبَانِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ أَبِي: " احْفَظْ هَذَا الْحَدِيثَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ كُنُوزِ الْحَدِيثِ "، فَلَمَّا قَفَلْنَا انْصَرَفْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَإِذَا هُوَ حَيُّ، وَإِذَا شَيْخٌ أَعْمَى، كَأَنَّهُ يَعْنِي عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: " نَعَمْ، ذَهَبَ بَصَرِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ ذَهَبَ بَصَرِي، وَلَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ خَلْفَكَ، فَلَوْ بَوَّأْتَ لِي فِي دَارِي مَسْجِدًا، صَلَّيْتَ فِيهِ، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى قَالَ: " نَعَمْ، فَإِنِّي غَادٍ إِلَيْكَ غَدًا "، فَلَمَّا صَلَّى مِنَ الْغَدِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ، وَقَامَ حَتَّى أَتَى، فَقَالَ: " يَا عِتْبَانُ؛ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُبَوِّئَ لَكَ؟ " قَالَ: فَوَصَفْتُ لَهُ مَكَانًا، فَبَوَّأَ لَهُ ⦗٩٠⦘ وَصَلَّى فِيهِ " فَإِنْ ثَقُلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ لِمَكَانِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ
٥٠٩٢ - فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَنَاهُ حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَقِيتُ عِتْبَانَ فَحَدَّثَنِي بِهِ، فَأَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ لِابْنِي: " اكْتُبْهُ "، فَكَتَبَهُ " ⦗٩١⦘ فَكَانَ فِي هَذَا عَوْدُ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مُوَافَقَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ رِوَايَةُ مَحْمُودٍ إِيَّاهُ، عَنْ عِتْبَانِ غَيْرَ مُسْتَنْكَرَةٍ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ وُجُوبُ الْعُذْرِ لِابْنِ عُيَيْنَةَ، فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودٍ عَلَيْهِ، وَلِمَا قَامَ بِهَذِهِ الْآثَارِ، أَوْ بِمَا قَامَ مِنْهَا، مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ عَلَى الضَّرِيرِ فِي بَصَرِهِ، كَمَا يَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي بَصَرِهِ، وَكَانَ هَذَا الْبَابُ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِوُجُوبِ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ عَلَى الضَّرِيرِ كَوُجُوبِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَجَعَلُوهُ كَمَنْ لَا يُعْرَفُ الطَّرِيقَ، فَلَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ إِيَّاهُ عَنِ التَّخَلُّفِ عَنْ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ عَذَرَهُ آخَرُونَ فِي تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ غَيْرَ أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَنَا عَنْهُ هُوَ وُجُوبُ حُضُورِهَا عَلَيْهِ، وَإِلَى ذَلِكَ كَانَ يَذْهَبُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَلَا يَحْكِي فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ خَاطَبَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ⦗٩٢⦘ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَلَا عَلَى النَّاسِ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ٩٥] {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} [النساء: ٩٥] ، قَبْلَ إِنْزَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥] ، بِأَنَ قَالَ لَهُ: " لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ " فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ أَعْمَى، وَلَا فَرَضَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَعْمَى وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا يَسْتَطِيعُهُ الْأَعْمَى مِنَ الْعَمَى يَكُونُ فِيهِ كَالصَّحِيحِ الَّذِي لَا عَمَى بِهِ، وَإِذَا كَانَ الْأَعْمَى فِي حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا، كَانَ فِي وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَيْهِ، إِذَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَوَجَدَ مَا يُبَلِّغُهُ بِهِ مِنْ نَفَقَةٍ، وَمِنْ مُوصِلٍ لَهُ إِلَيْهِ كَغَيْرِ الْأَعْمَى، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute