للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٢٨ - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خِيَارُكُمْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَقْرَأَهُ " فَتَأَمَّلْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لِنَقِفَ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَحَقَّ بِهِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، وَعَلَّمَهُ الْخِيَارَ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَمْثَالِهِ، فَوَجَدْنَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الْأُمَمِ، وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَضَّلَ الْقَرْنَ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ مِنْهَا عَلَى بَقِيَّتِهَا، ثُمَّ فَضَّلَ الْقَرْنَ الَّذِي يَلِيهِ عَلَى بَقِيَّتِهَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: " خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ "، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِعْلَامُ رَسُولِ اللهِ النَّاسَ مَا يَكُونُونَ بِهِ خِيَارَ ⦗١١٨⦘ الْقَرْنِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ، وَإِنَّهُمُ الَّذِينَ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، وَعَلَّمُوهُ، وَلَمَّا كَانُوا بِذَلِكَ خِيَارًا قَدْ فَضَلُوا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ، وَكَانُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مُتَفَاضِلِينَ، فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، بِمَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ بِأَحْكَامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي فِي كِتَابِهِ، وَالَّتِي أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّنْ لَيْسَ بَقِيَّتُهُمْ فِيهَا كَذَلِكَ، فَيَكُونُ مَنْ ذَلِكَ فِيهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ سِوَاهُ، مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ قَرْنِهِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ، ثُمَّ يَكُونُونَ كَذَلِكَ كُلَّمَا تَعَالَوْا بِمَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَبِمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُحْمَدُونَ عَلَيْهَا، حَتَّى يَكُونَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، يَفْضُلُ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ، فَيَكُونُ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ خِيَارَ تِلْكَ الطَّبَقَةِ، وَيَكُونُونَ كَذَلِكَ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، حَتَّى يَتَنَاهَى ذَلِكَ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَاهُمْ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي كُلِّهَا، فَيَكُونُ هُوَ خَيْرَهُمْ، وَيَكُونُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ مِنْ أُمَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي مِنْهَا كَذَلِكَ، وَفِيمَنْ سِوَاهُ مِنَ الْقُرُونِ فِي أُمَّتِهِ قَرْنًا، فَقَرْنًا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>