كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَلَالَةِ، قَالَ: هُوَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ " ⦗٢٣٨⦘ قُلْتُ: فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] ، فَغَضِبَ عَلَيَّ، وَانْتَهَرَنِي " وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ لِلْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَتَرْكُ الذِّكْرِ لِلْوَالِدِ، لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْوَالِدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَوْكَدُ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَكُونُ الذِّكْرُ لِلْوَلَدِ يُغْنِي عَنْ ذَكْرِ الْوَالِدِ، كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ، وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] ، وَسَكَتَ عَمَّا سِوَى هَؤُلَاءِ، مِمَّا تُحَرِّمُهُ الرَّضَاعَةُ مِنَ الْعَمَّاتِ، وَالْخَالِاتِ، وَمَا أَشْبَهَهُنَّ، لَعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ بِمُرَادِهِ عَزَّ وَجَلَّ، فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ، وَهَكَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ: تُخَاطِبُ بِالشَّيْءِ، حَتَّى إِذَا عَلِمْتَ فَهْمَ الْمُخَاطَبِينَ بِمَا أُرِيدَ مِنْهُمْ، أَمْسَكُوا عَنْ بَقِيَّتِهِ، لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا عَنْهُ وَالْقُرْآنُ قَدْ جَاءَ بِهَذَا قَالَ اللهُ: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد: ٣١] ، ثُمَّ قَالَ: {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} [الرعد: ٣١] فَلَمْ يُخْبِرْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فِي مُرَادِهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ: لَكَانَ هَذَا الْقُرْآنُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ: لَكَفَرُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} [النور: ١٠] ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا كَانَ يَكُونُ لَهُ، وَوَصَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: ١٠]⦗٢٣٩⦘ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْكَلَالَةَ مَا يُكَلَّلُ عَلَى الْمَوْرُوثِ وَالْمِيرَاثِ الَّذِي تَرَكَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي يُتَكَلَّلُ بِهِ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ مُتَكَلَّلٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَالِدِ غَيْرَ مُتَكَلَّلٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِنْهُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ: أَنَّ الْكَلَالَةَ مَا عَدَا الْوَالِدَ، وَالْوَلَدَ جَمِيعًا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute