للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٥٣ - فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كَتَبَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِّي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي: النَّسَائِيَّ، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى: " أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ " فِيمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى تَخَيُّرٍ يَتَعَاقَدُ الْمُتَبَايِعَانِ الْبَيْعَ عَلَيْهِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، لَا عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ، مِمَّا قَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُخَيِّرَ مَنْ لَهُ خِيَارٌ بَعِقْدِ الْبَيْعِ هَذَا يَبْعُدُ قَبُولُهُ فِي الْقُلُوبِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّخَيُّرُ لِإِيجَابِ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا قَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، فَيَكُونُ الْخِيَارُ الَّذِي يُخَيِّرُهُ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ صَاحِبَهُ هُوَ عَلَى الْخِيَارِ الَّذِي ⦗٢٦٦⦘ يَتَرَاوَضَانِ عَلَيْهِ، حَتَّى يَعْقِدَانِ الْبَيْعَ عَلَيْهِ، لَا عَلَى خِيَارٍ يَسْتَأْنِفَانِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْبَيْعَ يَجِبُ بِالتَّعَاقُدِ، وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْ مُتباَيِعَيْهِ بَعْدَ تَعَاقُدِهِمَا إِيَّاهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا خِيَارًا إِلَى مُدَّةٍ، فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إِلَى انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَدْ وَجَدْنَا الَّذِي يَذْهَبُ فِي الْخِيَارِ إِلَى أَنَّهُ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ يَقُولُ: إِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالْخِيَارُ الَّذِي يَجِبُ لَهُ بِذَلِكَ التَّخَيُّرِ، هُوَ الْخِيَارُ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا لَهُ قَبْلَهُ، وَالَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا قَالَهُ لِيُفِيدَ أُمَّتَهُ مَعْنًى، وَإِذَا كَانَ عَلَى مَا قَالَ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ، وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى مَا قَدْ بَيْنَهُ اللَّيْثُ فِي حَدِيثِهِ، مِمَّا يَقَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَعِ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ، أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا ابْتَاعَ قَبْلَ انْقِطَاعِ خِيَارِهِ بَعْدَ أَنْ يَفْتَرِقَ هُوَ وَصَاحِبُهُ عَنْ مَوْطِنِ الْبَيْعِ، كَانَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَوْطِنِ الْبَيْعِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَ وُجُوبُ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْخِيَارُ بَيْنَ الْعَقْدِ، وَبَيْنَ الْقَبُولِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَائِلِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يُوجِبُهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا التَّمْلِيكَاتُ قَدْ تَكُونُ فِي أَمْوَالٍ، وَقَدْ تَكُونُ فِي مَنَافِعَ، وَهِيَ الْإِجَارَاتُ، وَقَدْ تَكُونُ فِي أَبْضَاعٍ، وَهِيَ مَا تُوجِبْهُ التَّزْوِيجَاتُ، وَمَا يُوجِبُهُ الْخُلْعُ، فَكَانَتِ التَّمْلِيكَاتُ فِي الْأَبْضَاعِ تَتِمُّ قَبْلَ تَفَرُّقِ مُتَعَاقِدِيهَا، وَكَذَلِكَ الْإِيجَارَاتُ تَتِمُّ ⦗٢٦٧⦘ قَبْلَ تَفَرُّقِ مُتَعَاقِدِيهَا، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ تَمْلِيكَاتِ الْأَمْوَالِ، وَهِيَ الْبَيَاعَاتُ، تَتِمُّ قَبْلَ تَفَرُّقِ مُتَعَاقِدِيهَا بَعْدَ تَعَاقُدِهُمَا بِأَبْدَانِهِمَا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>