للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنًا لَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنُهُ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، فَمَكَثَ الْغُلَامُ مَا مَكَثَ ثُمَّ مَاتَ، فَخَاصَمَ خَالُ الْجَارِيَةِ ابْنَ عُمَرَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " زَوَّجْتُ ابْنِي، وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي أَنْ أَصْنَعَ بِهِ خَيْرًا، فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَفْرِضْ لِلْجَارِيَةِ صَدَاقًا "، فَقَالَ زَيْدٌ: " لَهَا الْمِيرَاثُ إِنْ كَانَ لِلْغُلَامِ مَالٌ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا " ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ سُمِيَ لَهَا صَدَاقٌ، لَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ، كَانَ لَهَا الْمُتْعَةُ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَكَانَ لَوْ دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا، وَكَانَ لَهَا جَمِيعُ مَا سَمَّاهُ لَهَا، إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، وَكَانَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهَا فِيهِ الْعِدَّةُ يَكُونُ لَهَا فِيهِ الصَّدَاقُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَيْهَا فِيهِ عِدَّةٌ، يَكُونُ لَهَا فِيهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، أَوِ الْمُتْعَةَ إِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا وَكَانَ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَيْهَا ⦗٣٥٦⦘ الْعِدَّةُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَوْتَ إِذَا كَانَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجِبُ الْعِدَّةُ فِيهَا، أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ الصَّدَاقُ فِيهَا وَكَانَ فِي حَدِيثِ بَرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ مِنَ الْأَحْكَامِ أَيْضًا قَضَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا، لَا وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ، وَكَانَ نِسَاؤُهَا الْمَعْقُولَاتِ هُنَّ نِسَاءُ عَشِيرَتِهَا، كَذَلِكَ هُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ حَتَّى تَعَالَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {تَعَالَوْا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ، وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} [آل عمران: ٦١] ، فَكَانَ أُولَئِكَ النِّسَاءُ هُنَّ أَمْثَالُهَا مِنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنِسَاءِ مَنْ دَعَاهُ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، لَا مَنْ سِوَاهُمْ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ نِسَاءُ الْمَرْأَةِ الْمَرْجُوعِ فِي صَدَاقِهَا فِيمَا يَجِبُ لَهَا فِيهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا، وَهَذَا مَعْنَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَكَانَ يَقُولُ: " نِسَاؤُهَا: هُنَّ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا، وَهُنَّ عَمَّاتُهَا أَخَوَاتُ أَبِيهَا لِأَبِيهِ، وَأُمِّهِ، أَوْ لِأُمِّهِ، وَأَخَوَاتُهَا لِأَبِيهَا، وَأُمِّهَا، أَوْ لِأَبِيهَا، وَخَالِاتُهَا أَخَوَاتُ أُمِّهَا " وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَانَ يَقُولُ: " هُنَّ أَمْثَالُهَا فِي مَنْصِبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلَا يُرَاعَى أَنْسَابُهَا " وَكَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا مَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي ذَلِكَ مِنْ إِدْخَالِهِ خَالِاتِهَا فِي ذَلِكَ، فَلَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَنَا، لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَتَكُونُ خَالِاتُهَا إِمَاءً، وَلَمَّا فَسَدَ قَوْلُهُ هَذَا، اعْتَبَرْنَا الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ، فَكَانَ مَا قَالَ مَالِكٌ مِنْهُمَا ⦗٣٥٧⦘ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ قَبُولُهُ، لَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَا يُخَالِفُهُ، غَيْرُ أَنَّا اعْتَبَرْنَا مَا قَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا مُرَاعَاةَ أَحْوَالِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرْغَبُ فِيهَا مِنْهَا مِنْ أَجْلِهَا، وَهِيَ جَمَالُهَا، وَعَقْلُهَا، وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرْنَا مِمَّا يُرْغَبُ فِيهَا مِنْ أَجْلِهَا، وَوَجَدْنَاهَا يُرْغَبُ فِيهَا بِنَسَبِهَا، وَبِشَرَفِهَا، وَبِأَحْوَالِهَا الَّتِي تَبِينُ بِهِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْ سِوَاهَا مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهَا فِي جَمَالِهَا، وَعَقْلِهَا، وَإِذَا كَانَ جَمَالُهَا، وَعَقْلُهَا يُعْتَبَرُ فِي أَمْرِهَا لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي مِثْلِهَا مِنْ أَجْلِهِ كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ جِنْسُهَا، وَبَيْتُهَا الَّذِي هِيَ مِنْهُ، وَآبَاؤُهَا الَّتِي يُرْغَبُ فِيهَا لِمَكَانِهِمْ، يُعْتَبَرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيهَا وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَخْتَلِطُ عَلَيْهَا حَيْضَتُهَا: إِنَّهَا تَعْتَبِرُ فِي ذَلِكَ أَيَّامَ نِسَائِهَا فِي مِثْلِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَدْ تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَرْأَةُ، وَأُمُّهَا، وَالْمَرْأَةُ، وَأُخْتُهَا، فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَمِنْ نِسَائِهَا هَؤُلَاءِ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ سِوَاهَا مِنْ نِسَائِهَا فِي ذَلِكَ، كَانَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ لَهَا فِي الصَّدَاقِ أَوْلَى، وَكَانَ بِالْقَوْلِ بِهِ فِي ذَلِكَ أَحْرَى، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>