وَهُوَ: مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: " عَرَضْتُ الْقِرَاءَةَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَرَضَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ حَجَجْتُ، فَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَأْتُهُ عَلَى عَلِيٍّ، فَمَا خَالَفَهُ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ " ⦗٢٣⦘ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَلَيْهِ غَيْرُ عَاصِمٍ، فَوَجَدْنَا حَمْزَةَ بْنَ حَبِيبٍ قَدْ قَرَأَهُ: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) . كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى، عَنْ حَمْزَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ حَمْزَةُ: مَا قَرَأْتُ الْقُرْآنَ إِلَّا عَلَى رَجُلَيْنِ: ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْأَعْمَشِ، فَمَا كَانَ مِنْ حَرْفِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَعَلَى حَرْفِ عَلِيٍّ، وَمَا كَانَ مِنْ حَرْفِ الْأَعْمَشِ، فَعَلَى حَرْفِ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَتْ قِرَاءَةُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَخَذَهَا عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، وَأَخَذَهَا أَخُوهُ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَخَذَهَا أَبُوهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَأَمَّا نَافِعٌ، فَكَانَ يَقْرَؤُهَا: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أَيْضًا، وَقَدْ قَرَأَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ: أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى مَوْلَاهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَقَرَأَ مَوْلَاهُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى مِثْلِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى طَلَبِ الْوَجْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِخْرَاجِ، فَوَجَدْنَا أَبَا عُبَيْدٍ قَدْ ذَكَرَ مَا أَجَازَهُ لَنَا عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ فِي ذَلِكَ: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) عَلَى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ حَجَّاجَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى الْعَتَكِيِّ قَالَ: كَانَ عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ يَقْرَؤُهَا بِغَيْرِ أَلِفٍ، يَعْنِي: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قَالَ ⦗٢٤⦘ هَارُونُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَمْرٍو، وَأَنَّهُ كَانَ يَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَرَأَهُ: {مَالِكِ} [آل عمران: ٢٦] بِالْأَلِفِ، فَقَالَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْرَأَ: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَالِكِ النَّاسِ) . فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: نَعَمْ , لِمُوَافَقَتِهِ عَاصِمًا عَلَى ذَلِكَ، أَوَلَا يَقْرَءُونَ: (فَتَعَالَى اللهُ الْمَالِكُ الْحَقُّ) . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَنَحْنُ نَخْتَارُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَيْضًا، فَذَكَرَ كَلَامًا فِيهِ. وَلِأَنَّ (مَلِكًا) فِيهِ مَا لَيْسَ فِي (مَالِكٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ (مَالِكًا) غَيْرَ (مَلِكٍ) ، وَلَا يَكُونُ (مَلِكًا) إِلَّا (مَالِكًا) ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي قِرَاءَةِ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦] ، أَنَّهُ كَذَلِكَ لَا مَا سِوَاهُ. وَوَجَدْنَا بَعْضَ مَنْ يَحْتَجُّ لِمَنْ قَرَأَهَا {مَالِكِ} [آل عمران: ٢٦] يَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: ٢٦] ، وَكَانَ أَوْلَى مَا قُرِأَتْ عَلَيْهِ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا سَمَّى الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَفْسَهُ إِلَى مَا سَمَّى اللهُ بِهِ نَفْسَهُ، فَقَدْ سَمَّى اللهُ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ بِمَا قَدْ تَلَوْنَاهُ فِي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: ١] ، وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ مِنْ قَوْلِهِ: {هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر: ٢٣] ، وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي قَوْلِهِ: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ} ، فَكَانَ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ مِمَّا قَدْ تَلَوْنَاهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَوْلَى مَا رُدَّ إِلَيْهِ الْحَرْفُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ {مَالِكِ} [آل عمران: ٢٦] وَمِنْ (مَلِكِ) إِلَى (مَلِكٍ) لَا إِلَى (مَالِكٍ) ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute