للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ، وَلَا يَكُونُ بِهِ مُتَوَضِّئًا لِصَلَاتِهِ، وَلَا مُغْتَسِلًا مِنْ جَنَابَتِهِ، وَلَا مُتَيَمِّمًا لِصَلَاتِهِ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ، نَظَرْنَا فِي الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ مِرْفَقَيْهِ، أَوْ مِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ أَنْ يُوَضِّئَ مَا بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يُوَضِّئَهَا لِصَلَاتِهِ، وَغَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِغَسْلِ بَدَنِهِ مِنْ جَنَابَتِهِ، وَغَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِتَيَمُّمِ وَجْهِهِ بِالصَّعِيدِ: أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْفَرْضُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِحُدُوثِ تِلْكَ الْحَادِثَةِ , وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَ ذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ كَفَاعِلِهِ بِيَدَيْهِ لَوْ كَانَتَا بَاقِيَتَيْنِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ فِي ذَلِكَ هُوَ فِعْلَ الْمُتَوَضِّئِ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ، إِمَّا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا بِفِعْلِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَرْضُ فِي ذَلِكَ عَلَى فِعْلِهِ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ كَانَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ الَّذِي قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سِوَاهُ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِهِ، وَلَا مِنْ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ إِيَّاهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَلَا فِي السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَبِمَا فِي السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا مُمَاسَّةُ الْمَاءِ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَأَنَّهُ يَسْتَوِي ذَلِكَ بِفِعْلِ مَنْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَمَنْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَمَنْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ، ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ، وَبِتَوَلِّي غَيْرِهِمْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَبِمُمَاسَّةِ الْمَاءِ أَعْضَاءَهُمْ تِلْكَ بِأَيِّ مَعْنًى مَاسَّهَا، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>