للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٢٤ - مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ، فَانْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ، وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: " مَنِ الْمُتَكَلِّمُ، أَوِ الْقَائِلُ، الْكَلِمَاتِ؟ "، فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ مِثْلَهَا قَالَ: " مَنْ هُوَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ ⦗٢٨٨⦘ بَأْسًا "، أَوْ قَالَ: " إِلَّا خَيْرًا "، فَقَالَ الرَّجُلُ: جِئْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ، وَقَدِ انْبَهَرْتُ أَوْ حَفَزَنِي النَّفَسُ، فَقُلْتُ الَّذِي قُلْتُ قَالَ: " لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا "، ثُمَّ قَالَ: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَلْيَمْشِ عَلَى هِينَتِهِ، وَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَ، وَلْيَقْضِ مَا سُبِقَ بِهِ " قَالَ: فَفِي هَذَا أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ قَائِلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَنْ هُوَ؟ حَتَّى اسْتَعْلَمَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ: إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي بِعَيْنَيَّ , وَالرُّؤْيَةُ قَدْ تَكُونُ بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تَكُونُ بِالْعِلْمِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ ⦗٢٨٩⦘ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: ١٤٣] ، أَيْ عَلِمْتُمُوهُ، وَإِنْ كُنْتُمْ لَمْ تُعَايِنُوهُ بِأَعْيُنِكُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ عَنْ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ لِقَوْمِهِ: {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} [هود: ٨٤] وَشُعَيْبٌ قَدْ كَانَ أَعْمَى، ⦗٢٩٠⦘ فَكَانَ ذَلِكَ لَهُ رُؤْيَةَ عِلْمٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةَ عِلْمٍ، وَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي "، أَيْ: لِمَا يُلْقِي اللهُ فِي قَلْبِهِ مَا هُمْ عَلَيْهِ فِي صَلَوَاتِهِمْ مِنَ الْخُشُوعِ فِيهَا , وَمَا سِوَاهُ مِمَّا يَكُونُونَ عَلَيْهِ فِيهَا خَلْفَهُ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ أَنَّهُ تَضَادٌّ فِي آثَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>