٥٦٦٤ - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُشَيْشٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا، ثُمَّ يُخْرَجُونَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ سُمُّوا جَهَنَّمِيِّينَ لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ جَهَنَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وُلِدُوا فِيهَا، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِمَّا يُنْسَبُ الرَّجُلُ إِلَيْهِ مِنَ الْبُلْدَانِ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَذْهَبُ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُلِدَ بِهِ، لَا مِنْ أَهْلِ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَحَوَّلُ إِلَيْهَا وَيُوطِنُهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَنْ حَلَّ بِمَوْضِعٍ فَأَوْطَنَهُ، جَازَ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْلِدُهُ بِغَيْرِهِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ: أَبُو يُوسُفَ، ⦗٣٤٠⦘ وَقَدْ كَانَ وَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا يُوسُفَ فِيمَا ذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ نَصْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيِّ، أَنَّ أَبَا يُوسُفَ ذَكَرَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَاجَّهُ فِي ذَلِكَ، بِأَنْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَقَدْ صَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِانْتِقَالِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَبِإِيطَانِهِ إِيَّاهَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَإِنْ كَانَ مَوْلِدُهُ بِغَيْرِهَا قَالَ: فَأَمْسَكَ عَنِّي، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَدْ دَلَّكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ رَأَى ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ، فَرَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ حُجَّةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ، فَقَدْ أَخْبَرَنَا فِي الَّذِينَ أُدْخِلُوا جَهَنَّمَ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يُولَدُوا فِيهَا بِمَا قَدْ أُطْلِقَ عَلَيْهِمْ أَنْ سُمُّوا " جَهَنَّمِيِّينَ "، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَدْ كَانَ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ بِإِيطَانِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ بِهِ، وَانْتَقَلَ عَنْهُ، كَمَا قَدْ يُقَالُ لِمَنْ قَدْ سَكَنَ مِصْرَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: إِنَّهُ مَدَنِيٌّ، وَلِمَنْ سَكَنَهَا مِنَ الْكُوفَةِ: إِنَّهُ كُوفِيٌّ، كَمَا سُمِّيَ الْجَهَنَّمِيُّونَ فِي ذَلِكَ بِذَلِكَ الِاسْمِ بَعْدَ أَنْ صَارُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأُخْرِجُوا مِنْ جَهَنَّمَ إِلَيْهَا، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا كِفَايَةٌ عَمَّا سِوَاهُ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute