٥٧٥٤ - كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ، ⦗٤٥٥⦘ عَنْ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ، فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي عِنْدَكَ، فَأَبْدِلْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَا أَبْدَلَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا ". فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي، فَأَبْدِلْنِي بِهِ خَيْرًا مِنْهُ " قَالَتْ: وَجَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَنِي فَتَزَوَّجْتُهُ " فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ: أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ هُوَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ⦗٤٥٦⦘ لَا دَخِيلَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ وَافَقَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ
٥٧٥٥ - كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ، فَلْيَقُلْ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ "، بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ أَبَا سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ. وَبَقِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مِثْلِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي مَتْنِهِ سَوَاءً، فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عَقْدِ عُمَرَ ابْنِهَا عَلَيْهَا التَّزْوِيجَ، وَلَيْسَ بِوَلِيٍّ لَهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ طِفْلًا، هُوَ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ، وَعَلَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِأُمِّ سَلَمَةَ وَلِيٌّ حَاضِرُهَا، وَأَمْرُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ إِلَيْهَا أَنْ تَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ رَأَتْ , فَجَعَلَتْهُ إِلَى ابْنِهَا، وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ فَعَلَتْ ⦗٤٥٧⦘ ذَلِكَ ابْتِدَاءً , فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِ ابْنِهَا، فَكَانَ ذَلِكَ إِمْضَاءً مِنْهُ لَهُ، وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عُقُودَ الصِّبْيَانِ لِلْأَشْيَاءِ بِأُمُورِ الْبَالِغِينَ جَائِزَةٌ كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَ عَقَدَ التَّزْوِيجَ عَلَى أُمِّهِ، وَقَدْ قَبِلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ قَائِلٌ: عَسَى أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ بَالِغًا يَوْمَئِذٍ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا مَا قَدْ نَفَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَالِغًا، لَكَانَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا، إِمَّا بِأَنْ يَكُونَ لِأَنَّهُ ابْنُهَا، كَمَا يَقُولُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا، فَكَانَ وَلِيًّا لَا مَحَالَةَ، فَفِي تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْكَارَهُ قَوْلَهَا ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي أُطُمِ حَسَّانَ، فَكَانَ يَتَطَأْطَأُ لِي، فَأَنْظُرُ، وَأَتَطَأْطَأُ لَهُ، فَيَنْظُرُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ تَجُولُ حِينَئِذٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ كَانَ جَمَعَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ لِي أَبَوَيْهِ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ ⦗٤٥٨⦘ الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ أَنَّهُ مِنَ الْمَوْلُودِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ. فَقَالَ قَائِلٌ: وَأَيُّ عَقْدٍ يَجُوزُ مِنَ الصَّبِيِّ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا أَمْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، فَهُوَ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَمْرٌ فِي غَيْرِهِ أَوْلَى، وَهُوَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وجَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الصِّبْيَانِ، فَلَمْ يُجْعَلْ كُلُّهَا كَلَا أُمُورٍ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَالْمُحْتَجُّ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ مِمَّنْ يُخَيِّرُ الصَّبِيَّ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَأُمُّهُ مُطَلَّقَةٌ , بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَيَرْوِي فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ مِمَّا تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ الْخِيَارَ إِلَّا وَلِاخْتِيَارِهِ حُكْمٌ، وَفِي هَذَا مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فِي الصَّبِيِّ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ يَدٌ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ: هُوَ عَبْدِي، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ، فَرَفَعَ ذَلِكَ , أَنَّ رَفْعَهُ إِيَّاهُ كَلَا رَفْعٍ، وَأَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ، فَدَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَادَّعَى لَهَا الْحُرِّيَّةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَلَقَدْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي وَصِيَّةِ الْيَفَاعِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ: إِنَّهَا جَائِزَةٌ , وَرَوَى فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَاهُ فِيهِ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا كَلَا وَصِيَّةٍ لِتَقْصِيرِهِ عَنِ الْبُلُوغِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَا قَدْ وَكَّدَ مَا قَدْ ذَهَبْنَا إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute