للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٨٩ - بِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَالْأَشْتَرُ، إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي كِتَابِهِ هَذَا، فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ، فَإِذَا فِيهِ: " الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " ⦗١٢٤⦘ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَكَافُؤِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِخْبَارُهُ أَنَّهُ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُوَ الْعَبْدُ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ دِمَاءَ الْعَبِيدِ تُكَافِئُ دِمَاءَ الْأَحْرَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَفِي ذَلِكَ وُجُوبَ الْقَوَدِ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ، فَفِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْجَبُ. وَكَانَ تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَوْلَى بِأَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَحْمِلُونَ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَصْحِيحِهَا، وَيَكُونُ مَا يُوجِبُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ ⦗١٢٥⦘ مِنْهُمْ بَعْضًا بِبَعْضٍ، فَوَجَبَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ فِي الْعَبِيدِ إِلَى الْقِصَاصِ بَيْنَهُمْ فِي الْأَنْفُسِ، وَإِلَى تَرْكِهِ بَيْنَهُمْ فِيمَا دُونَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْأَنْفُسِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا الرُّجُوعُ إِلَى الْقِيَمِ، وَجُعِلَتْ مُكَافِئَةً بَعْضُهَا لِبَعْضٍ، وَعَلَى أَنَّ مَا دُونَ الْأَنْفُسِ رُدَّ إِلَى الْمُسَاوَاةِ، وَإِلَى تَكَافُؤِ الْقِيَمِ فِيهِ مِنْ ذَوِي الْقِيَمِ وَهُوَ الْعَبِيدُ، فَكَانَتِ الْقِيَمُ غَيْرَ مُدْرَكٍ حَقَائِقُهَا، بَلْ إِلَى مَا يُرْجَعُ مِنْهَا إِلَى الْحَزْرِ وَالظَّنِّ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ مَعَهُ، وَالَّذِي قَدْ يَقَعُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُقَوِّمِينَ لَهُ، فَيُقَوِّمُهُ بَعْضُهُمْ بِشَيْءٍ، وَيُقَوِّمُهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ. وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ رُفِعَ الْقِصَاصُ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِيمَا دُونَ الْأَنْفُسِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ كَانَ ارْتِفَاعُهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ أَوْلَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَا يُرَادُ فِيهِ رُجُوعٌ إِلَى قِيمَةٍ، إِنَّمَا يُرَادُ فِيهِ أَخْذُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ، تَسْتَوِي فِيهِ أَنْفَسُ الْأَحْرَارِ وَأَنْفُسُ الْعَبِيدِ، فَيَكُونُ الْقِصَاصُ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ. فَقَالَ قَائِلٌ: وَجَدْتُمْ هَذَا الْقَوْلَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَى مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ وَجَدْنَا ذَلِكَ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>