فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " كَانُوا يَشْتَرِطُونَ فِي الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَرَدْتُ الْحَجَّ إِنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَعُمْرَةً إِنْ تَيَسَّرَتْ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ " ⦗١٥٨⦘ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانُوا يَشْتَرِطُونَهُ أَرَادَ بِهِ الْإِخْلَاصَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ الَّذِي أَمَرَتْهُ فِيهِ عَائِشَةُ بِمَا أَمَرَتْهُ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ تَوْكِيدُ نَسْخِ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ. فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ قَوْلَهُمْ كَانَ: وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ، لَمْ يُفَسِّرْ لَنَا فِيهِ الَّذِينَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهِ حَرَجٌ، وَوَجْهُهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ: لَا حَرَجَ، أَيْ: لَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي إِنْ لَمْ آتِ بِمَا أَحْرَمْتُ بِهِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ إِحْرَامِي بِهِ عَلَيَّ، فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِيَارِي، وَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا دَعَتْنِي الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ، وَمَنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ سِوَاهُمْ، مِمَّنْ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَكَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، فِيمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَمْثَالِهِمْ، فَوَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا عَلَى خِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ، فَكَانَ ⦗١٥٩⦘ خِلَافُهُمْ لِذَلِكَ حُجَّةً فِي دَفْعِهِ إِجْمَاعًا، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ نَبِيِّهِ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute