٥٩٣٣ - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخُوَارِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: - وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ عُبَيْدَ بْنَ جُرَيْجٍ -: " مَنِ اقْتَطَعَ مِنْ مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " ⦗١٧٦⦘ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ اقْتِطَاعُ الرَّجُلِ بِيَمِينِهِ كَاذِبًا مَالَ أَخِيهِ. فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ ذَلِكَ الِاقْتِطَاعِ، مَا هُوَ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الِاقْتِطَاعَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَصَبَ رَجُلًا شَيْئًا، كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ غَاصِبَهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ عَلَى غَاصِبِهِ إِحْضَارُهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ لَا يُحِيلَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُعِينَهُ عَلَى الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُحْلِفُهُ، وَإِذَا حَلَفَ لَهُ عَلَيْهِ خَلَّى الْحَاكِمُ بَيْنَ الْمَطْلُوبِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ مُقْتَطِعًا. وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لِلطَّلَبِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ فِيهِ كَانَ مَوْضِعًا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ فِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى النُّكُولِ عَنِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَتْ بِذَلِكَ حُجَّةٌ لِمُدَّعِيهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَقُولُ: هِيَ الْقَضَاءُ لَهُ بِهِ حَتَّى يَسْتَحِقَّهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِهِمَا. وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هِيَ وُجُوبُ الْحَلِفِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى يَسْتَحِقَّهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَحَتَّى يُقْضَى لَهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ نُكُولِ ⦗١٧٧⦘ الْمَطْلُوبِ عَنِ الْيَمِينِ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ بِحَلِفِهِ، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ بِذَلِكَ بَعْدَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ عَنِ الْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ نُكُولَ الْمَطْلُوبِ عَنِ الْيَمِينِ لِلطَّالِبِ حُجَّةٌ لِلطَّالِبِ كَانَ الْمَعْقُولُ أَنَّ مَنْ قَامَتْ لَهُ حُجَّةٌ لَا يُسْأَلُ مَعَهَا حُجَّةً أُخْرَى، كَمَا إِذَا أَقَرَّ لَهُ الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ، قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُسْأَلْ إِقَامَةَ حُجَّةٍ عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ، وَكَمَا إِذَا أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فِي الشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَيْهِ، قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُسْأَلْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ لَهُ عَلَيْهِ حُجَّةَ إِقَامَةِ حُجَّةٍ أُخْرَى مَعَهَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ النُّكُولُ عَنِ الْيَمِينِ حُجَّةً لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَجَبَ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِحُجَّتِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ إِقَامَةَ حُجَّةٍ أُخْرَى سِوَاهَا. كَمَا لَا يُكَلَّفُ إِقَامَةَ حُجَّةٍ مَعَ الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ لَهُ حُجَّةٌ، وَمَعَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ لَهُ حُجَّةٌ. وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute