للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٧٧ - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، ⦗٢٣٢⦘ عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: " كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ " ⦗٢٣٣⦘ فَقَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مِثْلَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَفْصَحُ الْعَرَبِ، وَفِيهِ مَا يُنْكِرُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ جَمِيعًا، لِأَنَّ: بَيْنَ، عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ إِلَّا لِاثْنَيْنِ، وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ؟ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا ذَكَرَ، وَلَكِنَّ الْوَاحِدَ إِذَا وُصِفَ بِوَصْفَيْنِ، دَخَلَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الِاثْنَيْنِ، وَجَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا فِي الِاثْنَيْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: ٢٤] ، وَالْمَرْءُ وَقَلْبُهُ وَاحِدٌ، وَلَكِنْ لَمَّا وُصِفَ ⦗٢٣٤⦘ بِغَيْرِ مَا وُصِفَ بِهِ قَلْبُهُ، صَارَ فِي مَعْنَى الِاثْنَيْنِ، فَكَذَلِكَ آدَمُ لَمَّا كَانَ فِي الْبَدْءِ جِسْمًا لَا رُوحُ فِيهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ اللهُ جَسَدًا ذَا رُوحٍ، كَانَ مَوْصُوفًا بِوَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَجَازَ بِذَلِكَ إِدْخَالُ: بَيْنَ، فِي وَصْفِهِ، كَمَا جَاءَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ "، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ حِينَئِذٍ نَبِيًّا، فَقَدْ كَانَ اللهُ تَعَالَى كَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ نَبِيًّا، ثُمَّ أَعَادَ اكْتِتَابَهُ إِيَّاهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: ١٠٥] ، وَكَانَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، ثُمَّ أَعَادَ اكْتِتَابَهُ فِي الزَّبُورِ الَمُحَزَّبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمِثْلُ ذَلِكَ اكْتِتَابُهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، بَعْدَ اكْتِتَابِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>