٥٩٨٦ - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ، وَقَالَ: " لَا يَتَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ "، قَالَ: وَوَجَدْتُ فِي صَحِيفَتِهِ: " وَلَعَنَ " ⦗٢٤٤⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ كِتَابُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عُقُولَ جِنَايَاتِ كُلِّ بَطْنٍ عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ، فَمَعْقُولٌ أَنَّ فِيهِ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنَ الْجَانِي خِلَافَ قَرَابَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَطْنِ مِنَ الْبُعْدِ مِنْهُ، وَمِنَ الْقُرْبِ، فَكَتَبَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ بَطْنِهِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، وَلَمْ يَقْصِدْ فِي ذَلِكَ إِلَى أَقْرَبِهِمْ مِنْهُ دُونَ أَبْعَدِهِمْ مِنْهُ، بَلْ قَصَدَ بِذَلِكَ إِلَى الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ، فَجَعَلَ عُقُولَ جِنَايَاتِ أَهْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَقْصِدَ فِي ذَلِكَ بِالْعَقْلِ لِلْجِنَايَةِ مِنَ الْجَانِي إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ دُونَ أَحَدٍ مِنْ بَطْنِهِ ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا كَانَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي تَحْمِيلِهِمْ أُرُوَشَ عَوَاقِلِ الْجُنَاةِ الَّذِينَ تَجْمَعُهُمْ وَإِيَّاهُمُ الْبَطْنُ الَّذِي هُمْ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَعْجِزُوا عَنْ ذَلِكَ، فَيَضُمُّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبَ الْبُطُونِ إِلَيْهِمْ فِيهِ، حَتَّى يَعْقِلُوا الْوَاجِبَ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ. وَعَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ غَيْرُهُمْ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ: أَنَّ مَعْرِفَةَ الْعَاقِلَةَ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى إِخْوَةِ الْجَانِي لِأَبِيهِ، فَيَحْمِلُونَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلُوهَا ⦗٢٤٥⦘ رُفِعَتْ إِلَى بَنِي جَدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلُوهَا، رُفِعَتْ إِلَى بَنِي جَدِّ أَبِيهِ، ثُمَّ هَكَذَا يَرْتَفِعُ إِلَى ابْنِ أَبٍ، حِينَ يَعْجِزُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ عَمَّا تَحَمَّلَ عَنِ الْجَانِي مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا، وَإِنْ تَبَايَنُوا فِي الْقَرَابَةِ مِنَ الْجَانِي بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، فَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلَ كُلِّ بَطْنٍ عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ، وَلَمْ يَكْتُبْهُ عَلَى أَقْرَبِ ذَلِكَ الْبَطْنِ إِلَى الْجَانِي دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَطْنِ، مِمَّنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute