٦٠١٤ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادُيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا آخَى بَيْنَهُ , - يَعْنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ، فَبَاتَ عِنْدَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلًا يَا أَخِي، إِنِّي مِنْ أَحْسَنِ الْأَنْصَارِ امْرَأَتَيْنِ، وَأَفْضَلِهِ حَائِطَيْنِ، فَانْظُرْ إِلَى امْرَأَتَيَّ، فَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ أَحْلَى فِي عَيْنِكَ، فَارَقْتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْهَا، فَإِنَّ قَوْمَهَا لَا يُخَالِفُونِي، وَخُذْ حَائِطَيَّ اللَّذَيْنِ هُمَا بِالسَّافِلَةِ، فَإِنَّهُ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ حَائِطَيَّ اللَّذَيْنِ هُمَا بِالْعَالِيَةِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: " بَارَكَ اللهُ ⦗٢٧٨⦘ لَكَ فِي أَهْلِكَ، وَمَالِكَ، أَرْشِدْنِي إِلَى السُّوقِ " فَذَهَبَ إِلَى السُّوقِ، فَانْقَلَبَ مِنْهُ بِنِصْفِ مُدٍّ رِبْحًا، ثُمَّ جَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى السُّوقِ، حَتَّى كَسَبَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَتَزَوَّجَ بِهَا امْرَأَةً، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " تَزَوَّجْتَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: " أَوْلِمْ بِشَاةٍ " فَكَانَ قَوْلُ سَعْدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوَيْتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، ⦗٢٧٩⦘ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى زَوْجَتَيْهِ جَمِيعًا , وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْتَ، يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، لَا عَلَى جَمِيعِهِمْ. فَاحْتَجْنَا إِلَى حُكْمِ الْوُقُوفِ عَلَى حُكْمِ (أَيِّ) فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، فَكَانَتْ فِي الْآثَارِ الَّتِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى عَدَدِهِ، وَلَا يَتَهَيَّأُ اسْتِعْمَالُهَا فِي أَهْلِهِ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَكَانَتْ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُمَا عَلَى مَا عَدَدُهُ مَعْلُومٌ، وَعَلَى مَا قَائِلُهَا فِيهِ قَادِرٌ عَلَى جَمِيعِهِ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ: أَنَّهَا عَلَى مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَعَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ عَلَى كُلِّهِ يَكُونُ عَلَى مَا اسْتُعْمِلَتْ مِمَّا اسْتَعْمَلَهَا الْمَقُولُ لَهُ عَلَى مَا قِيلَتْ لَهُ، وَأَنَّهَا فِيمَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَيُوقَفُ عَلَى مِقْدَارِهِ، فَيَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْجِنْسِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، لَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيهِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute