للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٥٨ - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ، وَشَيْئًا بِنَسِيئَةٍ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: فَعَلْتُهُ أَنَا وَشَرِيكِي: زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ " ⦗٣٣٠⦘ فَهَذَا الْحَدِيثُ يُحْتَجُّ بِهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْفِقْهِ يُتَنَازَعُ أَهْلُهُ فِيهَا، وَهِيَ أَنَّ الصَّفْقَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا جَمَعَتْ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ، هَلْ يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ، وَيَبْطُلُ مِنْهُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ، أَوْ يَبْطُلَانِ جَمِيعًا: الْبَيْعُ فِي الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ مِنْهُمَا، وَفِي الَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ مِنْهُمَا، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْشِفْ مِنْ سَائِلَيْهِ الْمَذْكُورَيْنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ سَأَلَاهُ عَنْهُمَا، مِمَّا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْآخَرِ وَحْدَهُ: هَلْ كَانَ شِرَاؤُهُمَا إِيَّاهُمَا فِي صَفْقَةٍ، أَوْ صَفْقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ؟ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا كَانَ وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ لَكَشَفَهُمَا عَنْ حَقِيقَةِ شِرَائِهِمَا، هَلْ كَانَ عَلَى مَا يُوجِبُهُ الشِّرَاءُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ عَلَى مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الشِّرَاءُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ، ثُمَّ لَأَجَابَهُمَا بِالْوَاجِبِ فِيمَا يَقِفُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَلَمَّا لَمْ يَكْشِفْهُمَا عَنْ ذَلِكَ، عَقَلْنَا أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا يَكُونُ سَوَاءٌ فِي ذَيْنِكَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَأَنَّ الشِّرَاءَ يَجُوزُ فِيمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ، وَيَبْطُلُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ نَسِيئَةٍ، وَأَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهِ، لَا حُكْمُ الشَّيْءِ الْآخَرِ الْمَضْمُومِ مَعَهُ فِي الصَّفْقَةِ الَّتِي جَمَعَتْهُمَا جَمِيعًا. وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَعَبْدُ ⦗٣٣١⦘ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا أَجَابَ أَسَدًا فِي ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ. وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، فَأَبْطَلَ الْبَيْعَ فِي الشَّيْئَيْنِ بِبُطْلَانِهِ فِي أَحَدِهِمَا، ثُمَّ الْتَمَسْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، هَلْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ، أَمْ لَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>