٦١٠٩ - وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ فِي الْفِضَّةِ، وَالْفِضَّةَ فِي الذَّهَبِ، كَيْفَ شِئْنَا " ⦗٣٩٢⦘ وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ اكْتَفَيْنَا مِنْهَا بِالَّذِي جِئْنَا بِهِ مِنْهَا، فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَقَدْ يَكُونُ الذَّهَبُ يَتَفَاضَلُ، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الْآخَرِ يُبَاعَانِ بِدِينَارَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ، فَظَاهِرُ آثَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُطْلِقُ ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ لِاخْتِلَافِ الدِّينَارَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا، لَبَيَّنَ لِلنَّاسٍ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُ أَرَادَ بِمَا أَطْلَقَ غَيْرَهُمَا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى مَا أَجْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ تَفْرِيقَ الْأَحْكَامِ، وَضَرْبَ الْأَمْثَالِ، وَكَذَلِكَ التَّمْرُ، فَقَدْ أَبَاحَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَمْرَيْنِ مُتَفَاضِلَيْنِ بِيعَا بِتَمْرٍ مُتَسَاو. وَقَدْ وَجَدْنَا التَّمْرَ فِي نَفْسِهِ مَوْجُودًا فِيهِ الِاخْتِلَافُ، وَالتَّبَايُنُ، حَتَّى تَكُونَ فِيهِ التَّمْرَةُ الْعَالِيَةُ فِي مِقْدَارِهَا، وَتَكُونُ فِيهِ التَّمْرَةُ الْمُقَصِّرَةَ، عَنْ ذَلِكَ، فَإِذَا بِيعَ التَّمْرُ بِمِثْلِهِ مِنَ التَّمْرِ، فَكَانَ هَذَا مَوْجُودًا فِيهِ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ الشِّرَاءُ لِتَبَايُنِهِ فِي نَفْسِهِ، وَلِاخْتِلَافِهِ فِي قِيمَتِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُرَاعَى بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ، إِذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ، وَكَانَ الْبَيْعُ فِيهِ جَائِزًا، دَلَّ ذَلِكَ ⦗٣٩٣⦘ أَنَّهُ قَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَاتِ، وَبَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمَكِيلَاتِ الْمَبِيعَاتِ بِأَمْثَالِهَا، فَلَمْ تُسْتَعْمَلْ فِيهَا الْقِيَمُ، وَاسْتُعْمِلَ فِيهَا التَّسَاوِي فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، فَأُجِيزَ بَيْعُ ذَلِكَ، وَأُبْطِلَ إِذَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute