٧٧٣ - مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ الْبَجَلِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ قَالَ: أَتَيْتُ عَلِيًّا فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ انْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ قَالَ: فَجَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَا وَدَخَلْتُ مَعَهُمَا فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ فَأَقْعَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ، وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا , ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبًا وَأَنَا مُنْتَبِذٌ , ثُمَّ قَالَ: {إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ} [التوبة: ٥٥] الْآيَةَ , ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي إنَّهُمْ أَهْلُ حَقٍّ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ قَالَ: " وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي " قَالَ: وَاثِلَةُ فَإِنَّهَا مِنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو. ⦗٢٤٦⦘ وَوَاثِلَةُ أَبْعَدُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ لَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ مَوْضِعُهَا مِنْ قُرَيْشٍ مَوْضِعُهَا الَّذِي هِيَ بِهِ مِنْهُ، فَكَانَ قَوْلُهُ لِوَاثِلَةَ: " أَنْتَ مِنْ أَهْلِي " عَلَى مَعْنَى لِاتِّبَاعِكَ إيَّايَ، وَإِيمَانِكَ بِي فَدَخَلْتَ بِذَلِكَ فِي جُمْلَتِي، وَقَدْ وَجَدْنَا اللهَ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ، فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥] فَأَجَابَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ: {إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: ٤٦] فَكَمَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ كَانَ ابْنَهُ؛ لِخِلَافِهِ إيَّاهُ فِي دِينِهِ جَازَ أَنْ يُدْخِلَ فِي أَهْلِهِ مَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي نَسَبِهِ، فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابًا لِأُمِّ سَلَمَةَ: " أَنْتِ مِنْ أَهْلِي " يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ مِثْلَهُ لِوَاثِلَةَ وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنَ ⦗٢٤٧⦘ الْأَحَادِيثِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مَعْقُولٌ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِيهَا؛ لِأَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا مَنْ دَعَا مِنْ أَهْلِهِ عِنْدَ نُزُولِهَا لَمْ يُبْقِ مِنْ أَهْلِهَا الْمُرَادِينَ فِيهَا أَحَدًا سِوَاهُمْ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُمْ فِيمَا أُرِيدَتْ بِهِ سِوَاهُمْ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ بَيَانُ مَا وَصَفْنَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْمَقْصُودُونَ بِتِلْكَ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] إلَى قَوْلِهِ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ} [الأحزاب: ٣٢] إلَى قَوْلِهِ: {الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: ٣٣] فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يُرَدْنَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِطَابِ النِّسَاءِ لَا عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ , ثُمَّ قَالَ: {إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: ٣٣] الْآيَةَ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ الَّذِي تَلَاهُ إلَى آخِرِ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: {إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ} [التوبة: ٥٥] الْآيَةَ خِطَابٌ لِأَزْوَاجِهِ , ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ لِأَهْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ} [الأحزاب: ٣٣] الْآيَةَ فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ} [الأحزاب: ٣٣] وَهَكَذَا خِطَابُ الرِّجَالِ، وَمَا قَبْلَهُ فَجَاءَ بِهِ بِالنُّونِ وَكَذَلِكَ خِطَابُ النِّسَاءِ فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: {إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ} [الأحزاب: ٣٣] الْآيَةَ خِطَابٌ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنَ الرِّجَالِ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ تَشْرِيفَهُ لَهُمْ وَرِفْعَتَهُ لِمِقْدَارِهِمْ أَنْ جَعَلَ نِسَاءَهُمْ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِمَّا فِي الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ قَبْلَ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ تَعَالَى، وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute