للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: ٣١] قَالَ: " مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إلَى هَذَا الْكَلَامِ " فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَا عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ زَادَ فِي عَدَدِ الْكَبَائِرِ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ إلَى: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: ٣١] وَأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ لَحِقَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ , وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَا كَبَائِرَ ⦗٣٥٦⦘ سِوَاهَا، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ كَبَائِرُ سِوَاهَا لَمْ يُطْلِعِ اللهُ عِبَادَهُ عَلَيْهَا؛ لِيَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهَا؛ وَلِيَكُونَ ذَلِكَ زَاجِرًا لَهُمْ عَنَ السَّيِّئَاتِ كُلِّهَا خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مَا يَقَعُونَ فِيهِ مِنْهَا مِنْ تِلْكَ الْكَبَائِرِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ شَيْءٍ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ مَا هُوَ حَتَّى يَجْتَنِبُوهُ فَلَا يَقَعُونَ فِيهِ؟، قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ كَمِثْلِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: " الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ الْوَاقِعُ فِيهَا كَالرَّاتِعِ إلَى جَانِبِ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ "، فَلَمْ يُبَيِّنْهَا اللهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ وَلَوْ شَاءَ لَأَبَانَهَا لَهُمْ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ذَلِكَ؛ لِيَجْتَنِبُوا الشُّبُهَاتِ كُلَّهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ سَأَلُوا فِي أَيِّهَا مِنْهُ؟ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ مِنْ لَيَالِيهِ، وَقَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ: " لَوْ شَاءَ أَنْ يُطْلِعَكُمْ عَلَيْهَا لَأَطْلَعَكُمْ عَلَيْهَا " وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللهُ، وَكَانَ تَرْكُ إعْلَامِهِمْ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ؛ لِيَعْمَلُوا فِيهَا كُلِّهَا عَمَلَ طَالِبِيهَا رَجَاءَ مُوَافَقَتِهَا، فَمِثْلُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ كَبَائِرُ مِنَ السَّيِّئَاتِ سِوَى مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْآثَارِ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ تِبْيَانَهَا؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَرْكِهِمُ السَّيِّئَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْهَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>