للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩١٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زِنًى " ⦗٣٧٢⦘ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إذْ كَانَ مَا فِيهِ مُضَافًا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذْ كَانَ مِمَّا قَدْ سَأَلَ عَنْهُ مَنْ سَأَلَ عَمَّا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ، فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ أُرِيدَ بِهِ مَنْ تَحَقَّقَ بِالزِّنَى حَتَّى صَارَ غَالِبًا عَلَيْهِ، فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، فَيُقَالَ: هُوَ ابْنٌ لَهُ كَمَا يُنْسَبُ الْمُتَحَقِّقُونَ بِالدُّنْيَا إلَيْهَا , فَيُقَالُ لَهُمْ بَنُو الدُّنْيَا؛ لِعِلْمِهِمْ لَهَا وَتَحَقُّقِهِمْ بِهَا وَتَرْكِهِمْ مَا سِوَاهَا، وَكَمَا قَدْ قِيلَ لِلْمُتَحَقِّقِ بِالْحَذَرِ: ابْنُ أَحْذَارٍ وَلِلْمُتَحَقِّقِ بِالْكَلَامِ: ابْنُ الْأَقْوَالِ، وَكَمَا قِيلَ لِلْمُسَافِرِ: ابْنُ سَبِيلٍ، وَكَمَا قِيلَ لِلْمَقْطُوعِينَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا: أَبْنَاءُ السَّبِيلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي أَصْنَافِ أَهْلِ الزَّكَاةِ: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] حَتَّى ذَكَرَ فِيهِمُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَكَمَا قَالَ بَدْرُ بْنُ حَزَازٍ لِلنَّابِغَةِ:

[البحر البسيط]

أَبْلِغْ زِيَادًا وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ ... فَلَوْ تَكَيَّسَ أَوْ كَانَ ابْنَ أَحْذَارِ

⦗٣٧٣⦘ أَيْ لَوْ كَانَ حَذِرًا وَذَا كَيْسٍ، وَكَمَا يُقَالَ: فُلَانٌ ابْنُ مَدِينَةٍ لِلْمَدِينَةِ الَّتِي هُوَ مُتَحَقِّقٌ بِهَا وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:

[البحر الكامل]

رَبَتْ وَرَبَا فِي حِجْرِهَا ابْنُ مَدِينَةٍ ... يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ

. فَمِثْلُ ذَلِكَ ابْنُ زِنْيَةٍ، قِيلَ لِمَنْ قَدْ تَحَقَّقَ بِالزِّنَى حَتَّى صَارَ بِتَحَقُّقِهِ بِهِ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، وَصَارَ الزِّنى غَالِبًا عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِهَذِهِ الْمَكَانِ الَّتِي فِيهِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ مَنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الزِّنَى الَّذِي هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ الزِّنَى وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لِلْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي مِثْلِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ فَمَرَّ فِيهِ مَكَانَ ابْنِ زِنْيَةٍ وَلَدُ زِنْيَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>