فمن اشتبه عليهم وجود الخالق بوجود المخلوقات - حتى ظنوا وجودها وجوده - فهم أعظم الناس ضلالا من جهة الاشتباه، وذلك أن الموجودات تشترك في مسمى «الوجود» فرأوا الوجود واحدًا، ولم يفرقوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع.
وآخرون توهموا أنه إذا قيل: الموجودات تشترك في مسمى «الوجود» ، لزم التشبيه والتركيب، فقالوا: لفظ «الوجود» مقول بالاشتراك اللفظي، فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء مع اختلاف أصنافهم، من أن الوجود ينقسم إلى قديم ومحدث، ونحو ذلك من أقسام الموجودات.
وطائفة ظنت أنه إذا كانت الموجودات تشترك في مسمى «الوجود» لزم أن يكون في الخارج عن الأذهان موجود مشترك فيه، وزعموا أن في الخارج عن الأذهان كليات مطلقة: مثل وجود مطلق، وحيوان مطلق، وجسم مطلق، ونحو ذلك؛ فخالفوا الحس والعقل والشرع، وجعلوا ما في الأذهان ثابتًا في الأعيان، وهذا كله من أنواع الاشتباه.