قالوا: بل هذا ممكن، بدليل أن الكليات ممكنة موجودة، وهي غير مشار إليها.
وقد غفلوا عن كون الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في العيان، فيعتمدون فيما يقولونه في المبدأ والمعاد على مثل هذا الخيال الذي لا يخفى فساده على غالب الجهال.
[سبب الاضطراب]
واضطراب النفاة والمثبتة في الروح كثير، وسبب ذلك أن الروح - التي تسمى بالنفس الناطقة عند الفلاسفة - ليست هي من جنس هذا البدن، ولا من جنس العناصر والمولدات منها، بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس، فصار هؤلاء لا يعرِّفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة، وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة، وكلا القولين خطأ.