كقولنا: المثلث إما موجود وإما معدوم، يكون من قسم العدم والملكة، وليس كذلك، فإن ذلك القسم يخلو فيه الموصوف الواحد عن المتقابلين جميعا، ولا يخلو شيء من الممكنات عن الوجود والعدم.
وأيضا فإنه على هذا التقدير، فصفات الرب كلها واجبة له، فإذا قيل: إما أن يكون حيا أو عليما أو سميعا أو بصيرا أو متكلما، أو لا يكون - كان مثل قولنا: إما أن يكون موجودا وإما أن لا يكون، وهذا متقابل تقابل السلب والإيجاب، فيكون الآخر مثله، وبهذا يحصل المقصود.
فإن قيل: هذا لا يصح حتى يُعلم إمكان قبوله لهذه الصفات.
قيل له: هذا إنما اشتُرِط فيما أمكن أن يثبت له ويزول كالحيوان، فأما الرب تعالى فإنه بتقدير ثبوتها له فهي واجبة، ضرورة أنه لا يمكن اتصافه بها وبعدمها باتفاق العقلاء، فإن ذلك يوجب أن يكون تارة حيا وتارة ميتا، وتارة أصم وتارة سميعا، وهذا يوجب اتصافه بالنقائص، وذلك منتف قطعا.
بخلاف من نفاها، وقال: إن نفيها ليس بنقص، لظنه أنه لا يقبل الاتصاف بها، فإن من قال هذا لا يمكنه أن يقول: إنه مع إمكان الاتصاف بها لا يكون نفيها نقصا. فإن فساد هذا معلوم بالضرورة.