كان بعض الصالحين له ورد فنام عنه، فوقف عليه فتى في منامه فقال له بصوت محزون:
تيقّظ لساعاتٍ من الليل يا فتى ... لعلك تحظى في الجِنان بحورها
فتنعُمَ في دارٍ يدومُ نعيمُها ... محمدٌ فيها والخليلُ يزورها
فقمْ فتيقظْ ساعةً بعد ساعةٍ ... عساك تُوفِّي ما بقى من مهورها
كان بعض السلف الصالحين كثير التعبد، وبكى شوقاً إلى الله ستين سنة، فرأى في منامه كأنه على ضفة نهر يجري بالمسك، حافتاه شجر لؤلؤ ونبت من قضبان الذهب، فإذا بجوارٍ مزينات يقلن بصوتٍ واحد:
ذرانا إلهُ الناس ربُّ محمدٍ ... لقومٍ على الأقدام بالليل قُوَّمُ
فقال: بخ بخ لهؤلاء! من هم؟! لقد أقرّ الله أعينهم بكُن. فقلن: أوما تعرفهم؟! قال: لا. فقلن: بلا هؤلاء المتهجدون أصحاب القرآن والسهر.
وكان بعض الصالحين ربما نام في تهجده فتوقظه الحوراء في منامه فيستيقظ بإيقاظها، وروي عن أبي سليمان الداراني أنه قال: ذهب بي النوم ذات ليلة في صلاتي، فإذا بها يعني: الحوراء تنبهني وتقول: يا أبا سليمان! أترقد وأنا أربي لك في الخدر منذ خمسمائة سنة؟!. وفي رواية عنه أنه نام ليلة في سجوده قال: فإذا بها ركضتني برجلها وقالت: حبيبي أترقد عيناك والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم؟ بؤساً لعين آثرت لذة نومٍ على مناجاة العزيز، قم فقد دنا الفراغ، ولقي المحبون بعضهم بعضاً، فما هذا الرقاد يا حبيبي وقرة عيني؟