وقال عمر: إياكم والدخول على أهل السعة فإنه مسخطة للرزق.
واعلم أن المسكين إذا أطلق يراد به غالباً من لا مال له يكفيه، فإن الحاجة توجب السكون والتواضع، بخلاف الغني فإنه يوجب الطغيان، ولهذا ذم الفقير المختال وعظم وعيده لأنه عصى بما ينافي فقره، وهو الاختيال والزهو والكبر.
ولما كان المسكين عند الإطلاق لا ينصرف إلا إلى من لا كفاية له من المال وصى الله تعالى بإيثار المساكين وإطعامهم الطعام، ومدح من يطعمهم، وذم من لا يحض على إطعامهم، وجعل لهم حقاً في أموال الصدقات والفئ وخمس الغنائم وحضور قسمة الأموال.
وهؤلاء المساكين على قسمين: أحدهما: من هو محتاج في الباطن وقد أظهر حاجته للناس، والثاني: من يكتم حاجته ويظهر للناس أنه غني فهذا أشرف القسمين، وقد مدح الله عز وجل هذا في قوله تعالى:(للفقرآءِ الذين أُحْصِروا في سبيلِ الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسَبُهم الجاهلُ أغنيآءَ من التَّعفُّفِ تعرفُهم بسيماهم لا يسألون الناسَ إلحافاً) البقرة: ٢٧٣، وقال النبي (:" ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين من لا يجد ما يغنيه، ولا يُفطن له فيُتصدق عليه ". وقال بعضهم: هذا المحروم المذكور في قوله عز وجل: (للسآئلِ والمحرومِ) الذاريات: ١٩، فأخبر النبي (أن من كتم حاجته فلم يفطن له أحق باسم المسكين من الذي أظهر حاجته بالسؤال، وأنه