كحال المسكين المستعطي. وقال طاوس: دخل علي بن الحسين الحجر ليلة فصلى، فسمعته يقول في سجوده: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك. قال طاوس: فحفظتهن، فما دعت بهن في كرب إلا فرج عني. وكان بعض العباد قد حج ثمانين حجة على قدميه، فبينما هو في الطواف وهو يقول: يا حبيبي! يا حبيبي!. فهتف هاتف: ليس ترضى أن تكون مسكيناً حتى تكون حبيباً! فكان بعد ذلك يقول: مسكينك مسكينك.
شعر لابن تيمية رحمه الله:
أنا الفقيرُ إلى ربِّ السموات ... أنا المُسَيْكينُ في مجموع حالاتي
أنا الظَّلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إنْ جاءها من عندِه يأتي
قوله (:" وأن تغفر لي وترحمني ": المغفرة والرحمة يجمعان خير الآخرة كله، لأن المغفرة ستر الذنب مع وقاية شره، وقد قيل: إنه لا تجتمع المغفرة مع عقوبة عليه، ولذلك سمي المغفر مغفراً، لأنه يستر الرأس ويقيه الأذى، وهذا بخلاف العفو، فإنه يكون تارة قبل العقوبة وتارة بعدها.
وأما الرحمة فهي دخول الجنة وعلو درجاتها، وجميع ما في الجنة من النعيم بالمخلوقات، ومن رضى الله عز وجل وقربه ومشاهدته وزيارته فإنه من رحمة الله تعالى، وفي الحديث الصحيح:" إن الله عز وجل يقول للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ". فكل ما في الجنة فهو من رحمة الله عز وجل، وإنما تنال برحمته لا بالعمل كما قال (:" لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟!. قال:" ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ".