للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- ما هو أسلوب الدعوة؟

والمراد بأسلوب الدعوة هنا ما بلغت به أوامر الله تعالى وإرشاداته إلى المدعوين وهو لا يخرج عما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وهو يجمع على "أساليب" وهو الطريق، والوجه، والمذهب، ... وهو الفن: يقال: أخذ فلان في أساليب من القول أي أفانين منه١.

وله تعاريف منها: أنه كلمات مناسبة في مواضع مناسبة. أو هو الفن البياني الذي غايته قوة الأداء مع الصحة، وسمو التعبير مع الدقة وإبداع الصورة وجمالها٢.

ومنها: أنه الكلام الحسن الذي يصفه بعض علماء البيان بقوله: "يحسن بسلامته وسهولته وفصاحته، وتخير لفظه، وإصابة معناه، وجودة مطالعه، ولين مقاطعه واستواء تقاسيمه وتعادل أطرافه، وتشبه أعجازه بهوادبه، وموافقة مآخيره لمباديه ... "٣.

هذه هي صفات الكلام الحسن. أما الكلام الأحسن فهو كلام الله نعالى الذي وصفه الله تعالى بقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر آية ٢٣) .

ولقد أخذت هذه الأساليب بنفوس الكفرة، وهم أرباب القول، وفحول البيان، فأعجبوا بها، وافتتنوا بجمالها، وشهدوا لها رغم عداوتهم للإسلام وبقائهم على الشرك. روي أن الوليد قال لبني مخزوم: "والله لقد سمعت من محمد -صلى الله عليه وسلم- آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو وما يعلى"٤.


١ لسان العرب.
٢ وحي القلم لمصطفى صادق الرافعي.
٣ الصناعتين لأبي هلال العسكري.
٤ ابن هشام جـ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>