للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فابن معطى، لم ينتفع في منظومته "الدُّرَّة الألفية في علم العربية" بسبقه الزمني، ولا بتقدمه المنهجي، على الرغم من إقرار ابن مالك بفضله، واعترافه بعلمه.

وأبو حيان النحوي، المتوفي سنة ٧٤٥ هـ، لم ينتفع بمنظومته "نهاية الإعراب في علمي التصريف والإعراب" على الرغم من حملته الضارية على ابن مالك، وألفَيته ١.

وجلال الدين السيوطى المتوفي سنة ٩١١ هـ، لم ينتفع بقوله في مطلع ألفيته:

أقول بعد الحمد والسلام ... على النبيِّ أفِصح الأنامِ

النَّحُو خَيْرُ ما به المرء عُنِي ... إذْ ليس علمٌ عنه حقَّا يغتني

وهذه ألفيةٌ فيها حَوَتْ ... أصولَه، ونفعَ طُلاَب نَوَتْ

فائقةً ألفيّة ابْنِ مالِك ... لكونها واضحة المسالك

وجَمْعِها من الأصول ما خلتْ ... عنه، وضَبْطِ مُرسَلات أهمِلتْ

ترتيبُها لم يَحْو غيري صنْعهْ ... مقدماتٌ، ثم كُتْبٌ سبْعَهْ

وأسأل الله وفاء الملتَزمْ ... فيها مع النفع، وحُسْنَ المختتمْ ٢

ولم يكتف العلماء بقراءة الألفية، أو التعليق عليها وإنما نظروا في بعض الأمهات المخالفة لمنهجها، فأعادوا ترتيبها على نظامها، كما فعل الشيخ أحمد بن عبد الفتاح الملوي المتوفى سنة ١٨١ هـ في كتابه "الأنوار البهيّة، في ترتيب الرضي على الألفية" ٣.

ولجأ بعض المحققين في العصر الحاضر، إلى وضع فهارس لكتب القوم على نظام الألفية؛ تيسيرًا لفهمها، كما فعل الأستاذ الشيخ محمد عبد الخالق عُضيمة، المتوفى سنة ١٤٠٤ هـ في تحقيقه لكتاب "المقتضب" الذي ألفه أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، المتوفى سنة ٢٨٥ هـ، ونشره في أربعة أجزاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر سنة ١٣٨٨ هـ فقد رتب الشيخ عضيمة فهرس الموضوعات ترتيب ابن مالك في الألفية لشهرته، وأخرجه في ٢٢٥ صفحة من القطع الكبير، وألحقه بالجزء الرابع.

وزاد من أهمية الألفية في ميدان الدراسات اللغوية- إحكام صياغتها، وخِفة لفظها، ودقة أفكارها، وسرعة جوابها، وسداد منهجها، فضلاً عن إخلاص صاحبها؛ ألا ترى إلى


١ نفح الطيب للمقري، ج ٢ ص ٢٢٩- ٢٣١.
٢المطالع السعيدة في شرح الدرة الفريدة للسيوطي، بتحقيق الدكتور نبهان ياسين حسين جـ١ص ٣٥ـ٣٦، وص ٧٩ ـ ٨١.
٣ المكتبة الأزهرية بالقاهرة، وبها نسخة في ٦٣٤ ورقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>