للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الموازنة:

والآمدي -رحمه الله- يُسمِّي كتابه "الموازنة بين أبي تمام والبحتري" ولنا أن نسأل: ما معنى هذه التسمية الموازنة؟ وخاصة بين كتب الأدب، ونقول: إن لكلٍّ أسلوبه كما أن لكل أديب نسجه وبيانه، كذلك لكل شاعر وصفة وإيقاعه ويختلف هذا عن ذاك بعدد تفاوت الوجوه، وهذا التفاوت في الأسلوب والعرض والتحليل والتناول والتصوير يفرض بطبيعته على التذوق النفاذ، خاصة الموازنة بين نص ونص، والمقارنة بين بيت وآخر والمراجحة بين أدب وأدب ١. وترتبط الموازنة بالمنطق الشخصي الصرف أحيانًا. وأخرى تعتمد على التحليل والتعليل وإقامة الحجج، وثالثة دون تعليل أو تفنيد.

ويتطرق الآمدي في الموازنة إلى أشياء كثيرة:

منها البراعة والمهارة في تجويد الأسلوب، ومنها التفنّن في اقتناص المعاني الشاردة، ومنها ما يرجع إلى الحذق في التصوير والتحليق. ومنها ما يستند إلى الموضوعات الأدبية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو غير ذلك. وعلى الجملة فالموازنة هي:

اتجاه من اتجاهات النقد يشغل أذهان النقاد بسبب ما يجدون من معانٍ عامة وخاصّة: يشترك الأدباء والشعراء في التعبير عنها. ولكن لكلٍّ وصفه وأسلوبه.

والموازنة تنقسم إلى قسمين:

١- قسم يذكر دون تفسير كافٍ يوضح بسبب امتياز أحد النصين على الآخر ويسمى مواجهة. ومن ذلك:

أضرَّ بها التجهيز حتى كأنها ... أكسب عليها جاذر متعرق

وقال جميل بثينة في الغرض نفسه:

أضرَّ بها التجهيز حتى كأنها ... بقايا سلال لم يدعها لسلالها

<<  <   >  >>