للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: الشاعران في ميزان النقد الأدبي]

أصحاب البحتري بين الجرح والتعديل:

سلفا أوردنا في هذا البحث أن الآمدي -رحمه الله- ذكر في الباب الأول من كتابه الموازنة محاجته مفتدة ومدعمة بالأدلة والبراهين، وذلك بين كل من أصحاب أبي تمام المتعصبين له، وأصحاب البحتري المفضلين إيَّاه.

وللأمانة والإنصاف في ذلك الفن، يجب علينا أن نلقي نظرة على عدالة الشهود. ومدى صحة شهادتهم. وتحري الصدق والإنصاف لديهم، وخاصة الذين ذكرت أسماؤهم من أصحاب البحتري، وربما لم يورد لنا الآمدي غير هؤلاء الأربعة وهم:

١- دعبل الخزاعي.

٢- ابن الأعرابي.

٣ أبو على السجستاني.

٤- المبرد.

وذلك لنطمئن إلى حكم محكمة الآمدي. وإن حكم الناقد: إنما ينزع عن ضمير منصف ثم إنه رائد في هذا المجال وهو مجال النقد الأدبي، والرائد لا يكذب أهله "أي تلامذته" وهذا ابن قتيبة أستاذ النقد "من الأوائل" يقول:

"ولم أنظر إلى المتقدم منهم -شعراء الصف الأول- بعين الجلالة لتقدمه ولا إلى المتأخر منهم "المولدون والمحدثون" بعين الاحتقار لتأخره. بل نظرت بعين العدل على طريقين، وأعطيت كلًّا حقَّه، ووفرت عليه حقَّه، ومع هذا يقول فيه أستاذ النقد الأول. أبو عمرو بن العلاء:

"لو أدرك الأخطل يومًا واحدًا في الجاهلية ما قدمت أحدًا عليه".

وربَّ قائل يقول: إن قوله ابن العلاء لهي دليل على التعصب بين النقاد، وليس دليل إنصاف، لأن القائل معلوم تعصبه على الشعراء المحدثين والمولدين وهو رأي مدرسة المحافظين في النقد العربي القديم.

والجواب لقد كان الرجل أولا: شديد التعصب على المحدثين لخروجهم على عمود الشعر. وتلك هي علة التعصب عنده، وثانيًا: فقد اتفقنا نحن وإياك على وصف القدامى والمحدثين كما نعتهم ابن رشيق.

<<  <   >  >>