للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ودعا أبو فارس إلى أن تفتح القصائد الشعرية بأوصاف الراح ونعوتها وتابعة في ذلك "ابن المعتز" الشاعر الناقد، والذي كان يبحث في الصلة بين الأدب والحياة. ويحاول الملاءمة بينهما. وينادي بتحضر الشعوب ورقيّه وترك روح البداوة فيه وصبغة الجاهلية عليه يقول ابن المعتز:

أحسن من وقفة على طلل ... ومن بكاء في أثر محتمل

كأس مدام أعطتك فضلتها ... كفّ حبيب والنقل من قبل

وليم الشاعر الماجن "أبو نواس" على دعوته الجديدة إلى تعاطي الخمر وتزيين رجسه. فعاد إلى السخرية ثانية من ذكر الأطلال، والتنادر بالوقوف على الآثار فقال مكرهًا ساخرًا.

أعز شعرك الأطلال والمنزل القفرا ... فقد طالما أزرى به نعتك الخمرا

دعاني إلى نعت الطول مسلط ... تضيق ذراعي أن أردّ له أمرا

سمعًا أمير المؤمنين وطاعة ... وإن كنت قد جشمتني مركبًا وعرا

وهل تحرّر أبو نواس من القيود الفنية للقصيدة العربية ومن عمود الشعر ونهج طريقة غير طريقة أسلافه من الشعراء؟ وها هو ذا يصف من يقف على الديار ويبكي الآثار ويصف الزمن، ويسائل الأطلال والأحجار بالعي والفهامة وتفاهة الخيال، وركود الذهن، ذلك لأنه يرى أن التشبيب إنما يكون بالخمر الصهباء. ووصف محاسنها وتعديد فضائلها وجمال حمرتها الزاهية، ورقتها الصاقية.

<<  <   >  >>