للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإذا ما استعرضنا ما أوردناه من سرقات البحتري هذا. وجدنا تعريف السرقة للشاعر. يكاد ينطبق عليه تمامًا وانظر معي:

١- قال أبو تمام:

وإذا أراد نثر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود

قال البحتري:

ولن تسبين الدهر موضع نعمة ... إذا أنت لم تدلل عليها بحاسد

٢- قال أبو تمام:

فكاد بأن يرى للمشرق شرقًا ... وكاد بأن يرى للغرب غربًا

قال البحتري:

فأكون طورًا مشرقًا للمشرق الأقصى ... وطورًا مغربًا للمغرب

٣- قال أبو تمام:

وكيف احتمالي للسحاب صيغة ... بإسقائها قبرًا وفي جوفي البحر

قال البحتري:

ملآن من كرم فليس يضرُّه ... مرُّ السحاب عليه وهو جهام

٤- قال أبو تمام:

وما خبر برق لاح في غير وقته ... وواد نجد ملآن قبل أوانه

قال البحتري:

وأعلم بأن الغيب ليس بنافع ... للناس ما لم يأت في إبانه

وهكذا نجد أن البحتري سرق أبا تمام لفظًا ومعنًى. ثم قصر عنه أسلوبًا وتصويرًا. وكان هو المفضول ولكن الآمدي يرى غير ذلك. ولقد كشف عن هذا التحامل الدكتور خفاجى لائمًا الآمدي بقوله١: "فالآمدي -رضي الله عنه- لا يترك مؤاخذة أبي تمام على سرقاته في المعاني العابية.

كما فصل مع البحتري. مع أبا تمام في كثير مما أخذ يستبد بشرف المعنى لجودة نظمه، وحسن تأتيه، وارتفاعه بالزيادة على ما أخذه والتأنق في صوغه".

<<  <   >  >>