للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"وكان شديد التعصب على أبي تمام، لغرابة مذهبه، ولأنه كان يرد عليه من معانيه ما لا يفهمه ولا يعلمه، فكان إذا سأل عن شيء منها يأنف أن يقول: لا أدري، فيعدل إلى الطعن عليه. والدليل على ذلك "والكلام للآمدي" أنه أنشد يومًا أبياتًا من شعره. وهو لا يعلم قائلها.

فاستحسنها وأمر بكتابتها، فلما عرف أنه قائلها قال: خرقوه: والأبيات من أرجوزته التي أولها:

فظن أني جاهل من جهله

عجبا للآمدي. وابن الأعرابي معًا، وهل الإنصاف في النقد أن يكون الناقد متحاملًا؟ يحكم على الشاعر لا على النص الأدبي، وبلا دليل ومقدما نؤمن الحكم ونوثقه، أن الذاتية في الناقد أضرّ على الشعر والنقد من الشاعر والناقد، لأنها طريق للهدم والتدمير والأنانية والعجز والشأن في منهج النقد الموضوعي، أن يكون منهجيًّا قاليًا على الذوق الأدبي الأصيل.

وهل يثق الآمدي في رجل وصفه هو بشدَّة التعصب على الشاعر ومن رجل اتَّسم بعدم الفهم وعدم الدراية والتحامل على الشاعر ومن رجل يستكبر ويأنف أن يقول قوله الصدق والحق إذا عجز: وهي لا أدري، ومن رجل يعدل الحق إلى الطعن سترًا لقصوره؟ ومن رجل يغمط الحق، ويشوه العدل، وبعد استحسانه وتحيزه يعلن النكرات وينكث على الجحود، ويمزق الأبيات المختارة، لا لشيء إلا لأنها تنسب إلى أبي تمام؟

ولنسأل الآمدي:

لم وضعت هذا الرجل في زمرة البحتري؟ واستشهدت بقوله ورويت خصومته لأبي تمام؟ وما الفائدة من حشو الكتاب بمثل هذا إن لم يستمع إليه الآمدي؟

٣- أبو على محمد بن العلاء السجستاني:

وكان السجستاني هذا صديقًا للبحتري. باعتراف الآمدي نفسه وأسمعه يقول ١:

"والذي نرويه عن أبي علي محمد بن العلاء السجستاني، وكان صديق البحتري" وأستمع إلى ما يرويه الآمدي عن هذا الصديق:

<<  <   >  >>