كان هذا الإمام يفضل البحتري ويستجيد شعره، ويكثر أنشاده ولا يمليه لأن البحتري كان باقيًا في زمانه "وكان يقول١.
"ما رأيت أشعر من هذا الرجل يعني البحتري - لولا أنه ينشدني لملأت كتبي من أمالي شعره".
وهذه شهادة كان الواجب قبولها خاصة وأنها من رجل عالم. وإمام فاضل لم يشهر عنه البغض لأبي تمام مثل ابن الأعرابي والخزاعي، ولم يعرف عنه أنه كان خليلًا للبحتري مثل السجستاني.
لولا أن البحتري وهو المشهود في حقه طعن المبرد هذا وهو الشاهد طعنة نجلاء، أطاحت بشهادته من بين أيدينا، فلم يبق للبحتري شيئًا. إذ وصفه بأنه لا يعرف الشعر ولا ذوق له فيه: وليس بناقد ولا مميز للألفاظ، وإليك وصف البحتري للمبرد دون أن نحذف منه حرفًا.
"في رواية الإمام عبد القاهر الجرجاني "٤٧١ هـ" عن بعضهم أنه قال٢. وأني البحتري ومعي دفتر شعر فقال: ما هذا؟ فقلت شعر الشنقري قال: وإلى أين تمضي به؟ قلت: إلى أبي العباس المبرد أقرؤه عليه قال: قد رأيت أبا عباسكم هذا منذ أيام عند ابن ثوابة فما رأيته ناقدًا للشعر ولا مميزًا للألفاظ ورايته يستجيد شيئًا وينشده وما هو بأفضل شاعر. فقلت له: أما نقده وتمييزه فهذه صناعة أخرى. ولكنه أعرف الناس بإعرابه وغريبه فما كان ينشد؟
قال: قول الحارث بن وعلة:
قومي هم قتلوا -أميم أخي- ... فإذا رميت يصيبني سهمي