للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّهُ كَمَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِالْإِجَازَةِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْمَرْوِيِّ بِهَا، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ: إِنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الْمُرْسَلِ. وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِجَازَةِ مَا يَقْدَحُ فِي اتِّصَالِ الْمَنْقُولِ بِهَا، وَفِي الثِّقَةِ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ: أَنْ يُجِيزَ لِمُعَيَّنٍ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: " أَجَزْتُ لَكَ، أَوْ لَكُمْ جَمِيعَ مَسْمُوعَاتِي، أَوْ جَمِيعَ مَرْوِيَّاتِي " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَالْخِلَافُ فِي هَذَا النَّوْعِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ، وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَغَيْرِهِمْ عَلَى تَجْوِيزِ الرِّوَايَةِ بِهَا أَيْضًا، وَعَلَى إِيجَابِ الْعَمَلِ بِمَا رُوِيَ بِهَا بِشَرْطِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ: أَنْ يُجِيزَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ بِوَصْفِ الْعُمُومِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: " أَجَزْتُ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَجَزْتُ لِكُلِّ أَحَدٍ، أَوْ أَجَزْتُ لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانِي "، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا نَوْعٌ تَكَلَّمَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِمَّنْ جَوَّزَ أَصْلَ الْإِجَازَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ.

فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِوَصْفٍ حَاصِرٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَهُوَ إِلَى الْجَوَازِ أَقْرَبُ.

<<  <   >  >>