للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعْيِينٍ. وَقَدْ يُعَلِّلُ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا فِيهَا مِنَ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ، فَإِنَّ مَا يَفْسُدُ بِالْجَهَالَةِ يَفْسُدُ بِالتَّعْلِيقِ، عَلَى مَا عُرِفَ عِنْدَ قَوْمٍ.

وَحَكَى الْخَطِيبُ، عَنْ أَبِي يَعْلَى بْنِ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيِّ، وَأَبِي الْفَضْلِ بْنِ عُمْرُوسٍ الْمَالِكِيِّ أَنَّهُمَا أَجَازَا ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ كَانُوا مَشَايِخَ مَذَاهِبِهِمْ بِبَغْدَادَ إِذْ ذَاكَ.

وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ تَرْتَفِعُ فِي ثَانِي الْحَالِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشِيئَةِ، بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ الْوَاقِعَةِ فِيمَا إِذَا أَجَازَ لِبَعْضِ النَّاسِ. وَإِذَا قَالَ: (أَجَزْتُ لِمَنْ شَاءَ) فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ (أَجَزْتُ لِمَنْ شَاءَ فُلَانٌ) بَلْ هَذِهِ أَكْثَرُ جَهَالَةً، وَانْتِشَارًا، مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُحْصَرُ عَدَدُهُمْ بِخِلَافِ تِلْكَ. ثُمَّ هَذَا فِيمَا إِذَا أَجَازَ لِمَنْ شَاءَ الْإِجَازَةَ مِنْهُ لَهُ.

فَإِنْ أَجَازَ لِمَنْ شَاءَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ فَهَذَا أَوْلَى بِالْجَوَازِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُقْتَضَى كُلِّ إِجَازَةٍ تَفْوِيضُ الرِّوَايَةِ بِهَا إِلَى مَشِيئَةِ الْمُجَازِ لَهُ، فَكَانَ هَذَا - مَعَ كَوْنِهِ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ - تَصْرِيحًا بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ وَحِكَايَةً لِلْحَالِ، لَا تَعْلِيقًا فِي الْحَقِيقَةِ. وَلِهَذَا أَجَازَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيِّينَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَقُولَ: (بِعْتُكَ هَذَا بِكَذَا إِنْ شِئْتَ)، فَيَقُولُ: (قَبِلْتُ).

وَوُجِدَ بِخَطِّ أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيِّ الْمَوْصِلِيِّ الْحَافِظِ:

<<  <   >  >>