للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْهُ، إِذَا ظَفِرَ بِالْكِتَابِ، أَوْ بِمَا هُوَ مُقَابَلٌ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَثِقُ مَعَهُ بِمُوَافَقَتِهِ لِمَا تَنَاوَلَتْهُ الْإِجَازَةُ، عَلَى مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِجَازَاتِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ.

ثُمَّ إِنَّ الْمُنَاوَلَةَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَكَادُ يَظْهَرُ حُصُولُ مَزِيَّةٍ بِهَا عَلَى الْإِجَازَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مُعَيَّنٍ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُنَاوَلَةٍ. وَقَدْ صَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا وَلَا فَائِدَةَ، غَيْرَ أَنَّ شُيُوخَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ - أَوْ مَنْ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ - يَرَوْنَ لِذَلِكَ مَزِيَّةً مُعْتَبَرَةً، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

وَمِنْهَا: أَنْ يَأْتِيَ الطَّالِبُ الشَّيْخَ بِكِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ فَيَقُولُ: (هَذَا رِوَايَتُكَ، فَنَاوِلْنِيهِ، وَأَجِزْ لِي رِوَايَتَهُ)، فَيُجِيبُهُ إِلَى ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ، وَيَتَحَقَّقَ رِوَايَتَهُ لِجَمِيعِهِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِح ُّ.

فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ مَوْثُوقًا بِخَبَرِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ إِجَازَةً جَائِزَةً، كَمَا جَازَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الطَّالِبِ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْقَارِئُ مِنَ الْأَصْلِ، إِذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ مَعْرِفَةً وَدِينًا.

قَالَ الْخَطيِبُ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ قَالَ: حَدِّثْ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنِّي إِنْ كَانَ مِنْ حَدِيثِي مَعَ بَرَاءَتِي مِنَ الْغَلَطِ وَالْوَهْمِ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا حَسَنًا "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>