للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّيْسَابُورِيِّ) قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُلُّ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ " قَالَ لِي فُلَانٌ " فَهُوَ عَرْضٌ، وَمُنَاوَلَةٌ.

قُلْتُ: وَوَرَدَ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الرُّوَاةِ التَّعْبِيرُ عَنِ الْإِجَازَةِ بِقَوْلِ: " أَخْبَرَنَا فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا حَدَّثَهُ، أَوْ أَخْبَرَهُ ". وَبَلَغَنَا ذَلِكَ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ اخْتَارَهُ، أَوْ حَكَاهُ، وَهَذَا اصْطِلَاحٌ بَعِيدٌ عَنِ الْإِشْعَارِ بِالْإِجَازَةِ، وَهُوَ فِيمَا إِذَا سَمِعَ مِنْهُ الْإِسْنَادَ، فَحَسْبُ، وَأَجَازَ لَهُ مَا رَوَاهُ قَرِيبٌ، فَإِنَّ كَلِمَةَ (أَنَّ) فِي قَوْلِهِ: " أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا أَخْبَرَهُ "، فِيهَا إِشْعَارٌ بِوُجُودِ أَصْلِ الْإِخْبَارِ وَإِنْ أَجْمَلَ الْمُخْبَرَ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ تَفْصِيلًا.

قُلْتُ: وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الرُّوَاةُ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنِ الْإِجَازَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رِوَايَةِ مَنْ فَوْقَ الشَّيْخِ الْمُسْمِعِ بِكَلِمَةِ (عَنْ)، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ إِذَا سَمِعَ عَلَى شَيْخٍ بِإِجَازَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ: (قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ، عَنْ فُلَانٍ)، وَذَلِكَ قَرِيبٌ فِيمَا إِذَا كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ بِإِجَازَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا فَإِنَّهُ شَاكٌّ، وَحَرْفُ (عَنْ) مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السَّمَاعِ، وَالْإِجَازَةِ صَادِقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِطْلَاقِ (حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا) فِي الْإِجَازَةِ لَا يَزُولُ بِإِبَاحَةِ الْمُجِيزِ لِذَلِكَ، كَمَا اعْتَادَهُ قَوْمٌ مِنَ الْمَشَايِخِ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي إِجَازَتِهِمْ لِمَنْ يُجِيزُونَ لَهُ، إِنْ شَاءَ قَالَ: (حَدَّثَنَا)، وَإِنْ شَاءَ

<<  <   >  >>