قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ التَّشْدِيدِ فِي الرِّوَايَةِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَذْهَبِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ السَّمَاعُ، وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ أَصْلًا فِي الْكِتَابِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَابِلَهُ بِنَفْسِهِ، بَلْ يَكْفِيهِ مُقَابَلَةُ نُسْخَتِهِ بِأَصْلِ الرَّاوِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُقَابَلَةُ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ ثِقَةً مَوْثُوقًا بِضَبْطِهِ.
قُلْتُ: وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ مُقَابَلَتَهُ بِفَرْعٍ قَدْ قُوبِلَ الْمُقَابَلَةَ الْمَشْرُوطَةَ بِأَصْلِ شَيْخِهِ أَصْلِ السَّمَاعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَابَلَ بِأَصْلِ أَصْلِ الشَّيْخِ الْمُقَابَلِ بِهِ أَصْلُ الشَّيْخِ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَكُونَ كِتَابُ الطَّالِبِ مُطَابِقًا لِأَصْلِ سَمَاعِهِ، وَكِتَابِ شَيْخِهِ، فَسَوَاءٌ حَصَلَ ذَلِكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وَلَا يُجْزِئُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ قَالَ: " لَا تَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ مَعَ أَحَدٍ غَيْرِ نَفْسِهِ، وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِ الشَّيْخِ وَاسِطَةٌ، وَلْيُقَابِلْ نُسْخَتَهُ بِالْأَصْلِ بِنَفْسِهِ حَرْفًا حَرْفًا حَتَّى يَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ وَيَقِينٍ مِنْ مُطَابَقَتِهَا لَهُ ". وَهَذَا مَذْهَبٌ مَتْرُوكٌ، وَهُوَ مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ التَّشْدِيدِ الْمَرْفُوضَةِ فِي أَعْصَارِنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يُعَارِضْ كِتَابَهُ بِالْأَصْلِ أَصْلًا: فَقَدْ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَائِينِيُّ عَنْ جَوَازِ رِوَايَتِهِ مِنْهُ، فَأَجَازَ ذَلِكَ. وَأَجَازَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute