وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا إِذَا دَرَسَ مِنْ كِتَابِهِ بَعْضُ الْإِسْنَادِ، أَوِ الْمَتْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ، إِذَا عَرَفَ صِحَّتَهُ وَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّاقِطُ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُحَدِّثِينَ مَنْ لَا يَسْتَجِيزُ ذَلِكَ. وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِيمَا رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْهُ، قَالَ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ: " وَلَوْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي حَالِ الرِّوَايَةِ كَانَ أَوْلَى ".
وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي اسْتِثْبَاتِ الْحَافِظِ مَا شَكَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ، أَوْ مِنْ حِفْظِهِ، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، مِنْهُمْ عَاصِمٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُبَيِّنُ مَا ثَبَّتَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَيَقُولُ: " حَدَّثَنَا فُلَانٌ، وَثَبَّتَنِي فُلَانٌ " كَمَا رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ: " أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، وَثَبَّتَنِي شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ ".
وَهَكَذَا الْأَمْرُ فِيمَا إِذَا وَجَدَ فِي أَصْلِ كِتَابِهِ كَلِمَةً مِنْ غَرِيبِ الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهَا غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ، وَأَشْكَلَتْ عَلَيْهِ، فَجَائِزٌ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا أَهْلَ الْعِلْمِ بِهَا، وَيَرْوِيَهَا عَلَى مَا يُخْبِرُونَهُ بِهِ. رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَ الرَّاوِي عَنِ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَبَيْنَ رِوَايَتِهِمَا تَفَاوُتٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute