الرِّوَايَةَ عَلَى الْمَعْنَى تَجُوزُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ إِعَادَةِ ذِكْرِ الْإِسْنَادِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ، أَوِ الْجُزْءِ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَوَّلًا، فَهَذَا لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي إِفْرَادِ كُلِّ حَدِيثٍ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ عِنْدَ رِوَايَتِهَا، لِكَوْنِهِ لَا يَقَعُ مُتَّصِلًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُ يُفِيدُ تَأْكِيدًا، وَاحْتِيَاطًا، وَيَتَضَمَّنُ إِجَازَةً بَالِغَةً مِنْ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسَ عَشَرَ: إِذَا رَوَى الْمُحَدِّثُ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادٍ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَقَالَ عِنْدَ انْتِهَائِهِ " مِثْلَهُ " فَأَرَادَ الرَّاوِي عَنْهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِسْنَادِ الثَّانِي، وَيَسُوقَ لَفْظَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَقِيبَ الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، فَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ.
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ الْحَافِظِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: " كَانَ شُعْبَةُ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ ".
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَجُوزُ ذَلِكَ، إِذَا عُرِفَ أَنَّ الْمُحَدِّثَ ضَابِطٌ مُتَحَفِّظٌ يَذْهَبُ إِلَى تَمْيِيزِ الْأَلْفَاظِ وَعَدِّ الْحُرُوفِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا رَوَى مِثْلَ هَذَا يُورِدُ الْإِسْنَادَ، وَيَقُولُ: (مِثْلَ حَدِيثٍ قَبْلَهُ مَتْنُهُ كَذَا وَكَذَا)، ثُمَّ يَسُوقُهُ. وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ قَدْ قَالَ: (نَحْوَهُ). قَالَ: (وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute